هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.
أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى.
كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ.
قَالَ الإِمَامُ: هَذَا حَدِيثٌ يَتَضَمَّنُ فَوَائِدَ وَأَحْكَامًا.
فَأَمَّا قَوْلُهُ: «لَا تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ» فَصُورَتُهُ أَنْ يَقَعَ الْخُبْرُ بِقُدُومِ عِيرٍ تَحْمِلُ الْمَتَاعَ، فَيَتَلَقَّاهَا رَجُلٌ يَشْتَرِي مِنْهُمْ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَقْدَمُوا السُّوقَ، وَيَعْرِفُوا سِعْرَ الْبَلَدِ، بِأَرْخَصَ.
فهَذَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْخَدِيعَةِ، وَذَهَبَ إِلَى كَرَاهِيَتِهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ.
رُوِيَ فِيهِ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَهُوَ قَول مَالك، وَالشَّافِعِيّ، وَأحمد، وَإِسْحَاق، وَلم يقل أحد مِنْهُم بِفساد البيع.
غير أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَثْبَتَ لِلْبَائِعِ الْخِيَارَ إِذَا قَدِمَ السُّوقَ وَعَرَفَ سِعْرَ الْبَلَدِ، لِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى أَنْ يُتَلَقَّى الْجَلَبُ، فَإِنْ تَلَقَّاهُ إِنْسَانٌ، فَابْتَاعَهُ، فَصَاحِبُ السِّلْعَةِ فِيهَا بِالْخِيَارِ إِذَا وَرَدَ السُّوقَ».
وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الإِصْطَخْرِيُّ: إِنَّمَا يَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ إِذَا كَانَ الْمُتَلَقِّي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute