فِي قَطِيعٍ مِنَ الْغَنَمِ، وَيَقُولُ: أَيُّ شَاةٍ أَصَابَتْهَا الْحَصَاةُ كَانَتْ مَبِيعَةً مِنْكَ.
وَأَمَّا الْغَرَرُ، فَهُوَ مَا خَفِيَ عَلَيْكَ عِلْمُهُ، مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: طَوَيْتُ الثَّوْبَ عَلَى غَرِّهِ أَيْ: عَلَى كَسْرِهِ الأَوَّلُ.
وَقِيلَ: سُمِّيَ غَرَرًا مِنَ الْغُرُورِ، لأَنَّ ظَاهِرَهُ بَيْعٌ يَسُرُّ وَبَاطِنَهُ مَجْهُولٌ يَغُرُّ.
وَسُمِّيَ الشَّيْطَانُ غَرُورًا لِهَذَا، لأَنَّهُ يَحْمِلُ الإِنْسَانَ عَلَى مَا تُحِبُّهُ نَفْسُهُ وَوَرَاءَهُ مَا يَسُوءُهُ.
فَكُلُّ بَيْعٍ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِيهِ مَجْهُولا أَوْ مَعْجُوزًا عَنْهُ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ فَهُوَ غَرَرٌ.
مِثْلَ أَنْ يَبِيعَ الطَّيْرَ فِي الْهَوَاءِ، وَالسَّمَكَ فِي الْمَاءِ، أَوِ الْعَبْدَ الآبِقَ، أَوِ الْجَمَلَ الشَّارِدَ، أَوِ الْحَمَلَ فِي الْبَطْنِ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَهُوَ فَاسِدٌ لِلْجَهْلِ بِالْمَبِيعِ، وَالْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهِ.
وَمِنْ جُمْلَةِ الْغَرَرِ بَيْعُ تُرَابِ الْمَعْدَنِ، وَتُرَابُ الصَّاغَةِ لَا يَجُوزُ، لأَنَّ الْمَقْصُودَ مَا فِيهِ مِنَ النَّقْدِ، وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَيْهِ: عَطَاءٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ.
وَقَدْ مَنَعَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ الْمُعَامَلَةَ بِالدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ، لِلْجَهْلِ بِمَا فِيهَا مِنَ النُّقْرَةِ.
٢١٠٤ - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الزَّغْرِتَانِيُّ، نَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُرْوَةَ، ثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، نَا هُشَيْمٌ، نَا أَبُو عَامِرٍ، نَا شَيْخٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: «نَهَى رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ المُضْطَرِّينَ، وَعَنْ بَيْعِ الغَرَرِ، وَبَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute