هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَفَسَّرُوا الْبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ عَلَى وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يَقُولَ بِعْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ بِعَشْرَةٍ نَقْدًا، أَوْ بِعِشْرِينَ نَسِيئَةً إِلَى شَهْرٍ.
فَهُوَ فَاسِدٌ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، لأَنَّهُ لَا يُدْرَى أَيُّهُمَا الثَّمَنُ، وَجَهَالَةُ الثَّمَنِ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْعَقْدِ.
وَقَالَ طَاوُسٌ: لَا بَأْسَ بِهِ، فَيَذْهَبُ بِهِ عَلَى أَحَدِهِمَا.
وَبِهِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ، وَالْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ.
وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَلَكِنْ لَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يُبَاتَّهُ بِأَحَدِهِمَا، فَإِنْ فَارَقَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، فَهُوَ لهُ بِأَقَلِّ الثَّمَنَيْنِ إِلَى أَبْعَدِ الأَجَلَيْنِ، أَمَّا إِذَا بَاتَّهُ عَلَى أَحَدِ الأَمْرَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ، فَهُوَ صَحِيحٌ بِهِ لَا خِلافَ فِيهِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ لَغْوٌ.
وَالْوَجْهُ الآخَرُ مِنْ تَفْسِيرِ الْبَيْعَتَيْنِ فِي الْبَيْعَةِ أَنْ يَقُولَ: بِعْتُكَ عَبْدِي هَذَا بِعِشْرِينَ دِينَارًا عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي جَارِيَتَكَ.
فَهَذَا فَاسِدٌ، لأَنَّهُ جَعَلَ ثَمَنَ الْعَبْدِ عِشْرِينَ دِينَارًا، وَشَرْطَ بَيْعِ الْجَارِيَةِ، وَذَلِكَ شَرْطٌ لَا يَلْزَمُ، وَإِذَا لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ بَطَلَ بَعْضُ الثَّمَنِ، فَيَصِيرُ مَا يَبْقى مِنَ الْمَبِيعِ فِي مُقَابَلَةِ الْبَاقِي مَجْهُولا.
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ لَوْ قَالَ: بِعْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ بِدِينَارٍ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي بِهِ دَرَاهِمَ لَا يَصِحُّ.
أَمَّا إِذَا جَمَعَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ، بِأَنْ بَاعَ دَارًا وَعَبْدًا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ، فَهُوَ جَائِزٌ.
وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الْبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ، إِنَّمَا هِيَ صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ، جَمَعَتْ شَيْئَيْنِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute