وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْ بَيْعِ وَشَرْطٍ».
ثُمَّ هَذَا النَّهْيُ لَا يَعُمُّ جَمِيعَ الشُّرُوطِ، فَإِنَّ مِنَ الشُّرُوطِ مَا لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْعَقْدِ، وَيَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ، فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ، إِلا أَنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ، وَمَنْ بَاعَ نَخْلا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ، فَثَمَرَتُهَا لِلبَائِعِ إِلا أَنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ».
وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ شَرْطٍ هُوَ مِنْ مُقْتَضَى الْبَيْعِ أَوْ مِنْ مَصْلَحَةِ الْبَيْعِ، فَهُوَ جَائِزٌ.
أَمَّا مُقْتَضَاهُ هُوَ أَنْ يَبِيعَهُ عَبْدًا عَلَى أَنْ يُحْسِنَ إِلَيْهِ، أَوْ دَارًا عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا إِنْ شَاءَ، أَوْ يَسْكُنَهَا غَيْرُهُ.
وَأَمَّا مَصْلَحَةُ الْعَقْدِ مِثْلُ أَنْ يَبِيعَ بِثَمَنٍ ضَرَبَ لَهُ أَجَلا مَعْلُومًا، أَوْ شَرَطَ أَنْ يَرْهَنَ بِالثَّمَنِ دَارَهُ، أَوْ يُقِيمَ فُلانًا كَفِيلا بِالثَّمَنِ.
فَأَمَّا مَا لَا يَقْتَضِيهِ مُطْلَقُ الْبَيْعِ مِن الشُّرُوطِ، وَلا هُوَ مِنْ مَصْلَحَةِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يُفْسِدُ الْبَيْعَ، إِلا شَرْطَ الْعِتْقِ.
وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً عَلَى أَنْ يَحْمِلَهَا الْبَائِعُ إِلَى بَيْتِهِ، أَوْ ثَوْبًا عَلَى أَنْ يَخِيطَهُ، أَوْ دَابَّةً عَلَى أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute