للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَكَرِيَّا.

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ بَاعَ دَابَّتَهُ، وَاسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ ظَهْرَهَا مُدَّةً، أَوْ دَارًا وَاسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ سُكْنَاهَا مُدَّةً، فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ لازِمٌ، وَهُوَ قَوْلُ الأَوْزَاعِيِّ، وَابْنِ شُبْرُمَةَ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَقَالَ مَالِكٌ: إِنِ اسْتَثْنَى مُدَّةً قَرِيبَةً يَجُوزُ.

وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ جَابِرٍ.

وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الثُّنْيَا.

وَأَمَّا قِصَّةُ جَابِرٍ، وَبَيْعُهُ الْجَمَلِ، فَلَهُ تَأْوِيلانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَمْ يَكُنِ اسْتَثْنَى ظَهْرَهُ فِي الْبَيْعِ شَرْطًا، بَلْ أَعَارَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الْبَيْعِ، كَمَا رَوَيْنَا فِي حَدِيثِ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، أَنَّهُ قَالَ: «أَخَذْتُهُ مِنْكَ بِوُقِيَّةٍ، ارْكَبْهُ» وَرَوَى شُعْبَةُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «بِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَلا، وَأَفْقَرَنِي ظَهْرُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ».

وَالإِفْقَارُ فِي كَلامِ الْعَرَبِ: إِعَارَةُ الظَّهْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>