عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْبَيِّعَانِ إِذَا اخْتَلَفَا وَالْمَبِيعُ قَائِمٌ بِعَيْنِهِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا بَيَّنَةٌ، فَالْقَوْلُ مَا قَالَ الْبَائِعُ أَوْ يَتَرَادَّانِ البَيْعَ».
قَالَ الإِمَامُ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُتَبَايِعَيْنِ إِذَا اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ، فَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُ بِكَذَا، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: بِأَقَلَّ، فَذَهَبَ عَامَّتُهُمْ إِلَى أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ، يَحْلِفُ الْبَائِعُ بِاللَّهِ لَقَدْ بِعْتُهُ بِكَذَا، فَإِذَا حَلَفَ يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي: إِمَّا أَنْ تَأْخُذَ السِّلْعَةَ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ وَإِمَّا أَنْ تَحْلِفَ: مَا اشْتَرَيْتُهَا إِلا بِمَا قُلْتُ، فَإِنْ حَلَفَ، فُسِخَ الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا، وَرُدَّ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا دَفَعَ، وَهُوَ قَوْلُ شُرَيْحٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَلا فَرْقَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ السِّلْعَةُ قَائِمَةً، أَوْ تَالِفَةً فِي أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ، وَيَرُدُّ قِيمَةَ السِّلْعَةِ، وَإِلَيْهِ رَجَعَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ.
وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُمَا لَا يَتَحَالَفَانِ بَعْدَ هَلاكِ السِّلْعَةِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، بَلِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ، وَهُوَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الثَّوْرِيُّ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَذَهَبَ أَبُو ثَوْرٍ، إِلَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي، سَوَاءٌ كَانَتِ السِّلْعَةُ قَائِمَةً أَوْ هَالِكَةً، وَلا يَتَحَالَفَانِ، وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي الأَجَلِ أَوِ الْخِيَارِ أَوِ الرَّهْنِ أَوِ الضَّمِينِ، فَهُوَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ كَالاخْتِلافِ فِي الثَّمَنِ يَتَحَالَفَانِ، وَعِنْدَ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَنْفِيهَا، وَلا تَحَالفَ عِنْدَهُمْ إِلا عِنْدَ الاخْتِلافِ فِي الثَّمَنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute