قَالَ الشَّافِعِيُّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: غُنْمُهُ: زِيَادَتُهُ، وَغُرْمُهُ: هَلاكُهُ وَنَقْصُهُ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ، أَوْ مِثْلَ مَعْنَاهُ، لَا يُخَالِفُهُ.
قَوْلُهُ: «لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ»، مَعْنَاهُ: لَا يَسْتَغْلِقُ بِحَيْثُ لَا يَعُودُ إِلَى الرَّاهِنِ، بَلْ مَتَى أَدَّى الْحَقَّ لِلْمَرْهُونِ بِهِ، افْتَكَّ وَعَادَ إِلَى الرَّاهِنِ.
وَحُكِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي تَفْسِيرِهِ: هُوَ أَنْ يَقُولَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ: إِنْ جِئْتُكَ بِحَقِّكَ إِلَى كَذَا وَكَذَا، وَإِلا فَالرَّهْنُ لَكَ بِحَقِّكَ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ: لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ، يَعْنِي: لَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُرْتَهِنُ بِأَنْ يَدَعَ الرَّاهِنُ أَدَاءَ حَقِّهِ، وَيُرْوَى مِثْلُ هَذَا التَّفْسِيرِ، عَنْ طَاوُسٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَمَالِكٍ.
وَمَعْنَى قَوْلِهِ: «لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ» عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ: أَنَّ الرَّهِنَ يَرْجِعُ إِلَى الرَّاهِنِ، فَيَكُونُ غُنْمُهُ لَهُ، وَيَرْجِعُ رَبُّ الْحَقِّ عَلَيْهِ بِحَقِّهِ، فَيَكُونُ غُرْمُهُ عَلَيْهِ، وَشَرْطُهُمَا بَاطِلٌ.
وَقَوْلُهُ: «الرَّهْنُ مِنْ صَاحِبِهِ» قِيلَ: أَرادَ لِصَاحِبِهِ، وَقِيلَ: مِنْ ضَمَانِ صَاحِبِهِ، وَقَوْلُهُ: «لَهُ غُنْمُهُ» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الزَّوَائِدَ الَّتِي تَحْصُلُ مِنْهُ تَكُونُ لِلْرَاهِنِ، وَقَوْلُهُ: «وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، يَكُونُ مِنْ ضَمَانِ الرَّاهِنِ، وَلا يَسْقُطُ بِهَلاكِهِ شَيْءٌ مِنْ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ قِيمَةَ الرَّهْنِ إِنْ كَانَ قَدْرُ الْحَقِّ يَسْقُطُ بِهَلاكِهِ الْحَقُّ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنَ الْحَقِّ، فَبِقَدْرِ قِيمَتِهِ مِنَ الْحَقِّ يَسْقُطُ، وَالْبَاقِي وَاجِبٌ عَلَى الرَّاهِنِ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنَ الْحَقِّ، يَسْقُطُ الْحَقُّ، وَلا يَجِبُ ضَمَانُ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَهُوَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ، وَإِلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute