للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثِمارٍ ابْتَاعَهَا، فَكَثُرَ دَيْنُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ»، فَتَصَدَّقَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دَيْنِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِغُرَمَائِه: «خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ وَلَيْسَ لَكُمْ إِلا ذَلِكَ».

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ.

وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إنَّ الأُسَيْفِعَ أُسَيْفِعَ جُهَيْنَةَ رَضِيَ مِنْ دِينِهِ وَأَمَانَتِهِ أَنْ يُقَالَ: سَبَقَ الْحَاجَّ، أَلا وَإِنَّهُ ادَّانَ مُعْرِضًا، فَأَصْبَحَ قَدْ رِينَ بِهِ، فَمَنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ، فَلْيَأْتِنَا بِالْغَدَاةِ نَقْسِمُ مَالَهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ، وَإيَّاكُمْ وَالدَّيْنَ، فَإِنَّ أوَّلَهُ هَمٌّ، وَآخِرَهُ حَرْبٌ.

قَوْلُهُ: فَادَّانَ مُعْرِضًا، أَيِ: اسْتَدَانَ مُعْرِضًا عَنِ الأَدَاءِ، وَقَوْلُهُ: وَقَدْ رِينَ، أَيْ: أَحَاطَ بِمَالِهِ الدَّيْنُ، يُقَالُ: رِينَ بِالرَّجُلِ رَيْنًا، إِذَا وَقَعَ فِيمَا لَا يَسْتَطِيعُ الْخُرُوجَ مِنْهُ.

قَالَ الإِمَامُ: هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، إِنَّ مَالَ الْمُفْلِسِ يُقْسَمُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ عَلَى قَدْرِ دُيُونِهِمْ، فَإِنْ نَفَذَ مَالُهُ وَفَضَلَ الدِّينُ يُنْظَرُ إِلَى الْمَيْسَرَةِ، وَتَصَرُّفُ الْمُفْلِسِ فِي مَالِهِ غَيْرُ نَافِذٍ، قَالَ الْحَسَنُ: إِذَا أَفْلَسَ وَتَبَيَّنَ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ، وَلا بَيْعُهُ وَلا شِرَاؤُهُ، وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا كَانَ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ وَلَهُ عَبْدٌ لَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ فَأَعْتَقَهُ، لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ تَصَرُّفُ الْمَدْيُونِ نَافِذٌ مَا لَمْ يَحْجِرْ عَلَيْهِ الْقَاضِي، ثُمَّ بَعْدَ الْحَجْرِ لَا يَنْفَذُ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>