قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْبَكْرُ فِي الإِبِلِ بِمَنْزِلِ الْغُلامِ مِنَ الذُّكُورِ، وَالْقَلُوصُ بِمَنْزِلِ الْجَارِيَةِ مِنَ الإِنَاثِ، وَالرَّبَاعِيُّ: هُوَ الَّذِي أَتَتْ عَلَيْهِ سِتُّ سِنيِنَ، وَدَخَلَ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ، فَإِذَا طَلَعَتْ رَبَاعِيتُهُ، قِيلَ لِلذَّكَرِ: رَبَاعٌ، وَلِلأُنْثَى رَبَاعِيَةٌ خَفِيفَةَ الْيَاءِ، وَقَوْلُهُ: «خِيَارٌ»، يُقَالُ: جَمَلٌ خِيَارٌ، وَنَاقَةٌ خِيَارَةٌ، أَيْ: مُخْتَارَةٌ.
وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ جَوَازُ اسْتِسْلافِ الإِمَامِ لِلْفُقَرَاءِ إِذَا رَأَى بِهِمْ خُلَّةً وَحَاجَةٌ، ثُمَّ يُؤَدِّيهِ مِنْ مَالِ الصَّدَقَةِ إِنْ كَانَ قَدْ أَوْصَلَ إِلَى الْمَسَاكِينِ، وَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِ الإِمَامِ، فَيَضْمَنُ مِنْ خَاصِّ مَالِهِ، إِلا أَنْ يَكُونَ الاسْتِقْرَاضُ بِمَسْأَلَةِ الْفُقَرَاءِ، فَيَضْمَنُ مِنْ مَالِهِمْ، أَوْ مِنْ مَالِ الصَّدَقَةِ، وَعِنْدَ أَصْحَابِ الرَّأْيِ يَضَمُن مِنْ مَالِ الصَّدَقَةِ، وَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِ الإِمَامِ، كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ إِذَا اسْتَقْرَضَ لَهُ شَيْئًا لِحَاجَتِهِ فَهَلَكَ فِي يَدِ الْوَلِيِّ، يَضْمَنُهُ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ، وَفَرَّقَ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ فِي الْمَسَاكِينِ أَهْلَ رُشْدٍ لَا يُوَلَّى عَلَيْهِمْ بِخِلافِ الْيَتِيمِ.
وَفِيهِ دَليِلٌ عَلَى جَوَازِ اسْتِقْرَاضِ الْحَيَوَانِ، وَثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا بَأْسَ بِاسْتِسْلافِ الْحَيَوَانِ كُلِّهِ إِلا الْوَلائِدَ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَجُمْلَتُهُ أَنَّ مَا جَاءَ السَّلَمُ فِيهِ، جَازَ اسْتِقْرَاضُهُ إِلا الْجَوَارِيَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ، قَالُوا: إِذَا كَانَتِ الْجَارِيَةُ مِمَّنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا، جَازَ اسْتِقْرَاضُهَا، وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنِ اسْتَقْرَضَ شَيْئًا يَرُدُّ مِثْلَ مَا اسْتَقْرَضَ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ أَوْ مِنْ ذَوَاتِ الأَمْثَالِ، لأَنَّ الْحَيَوَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَدِّ الْمِثْلِ، فَأَمَّا مَنْ أَتْلَفَ شَيْئًا عَلَى غَيْرِهِ أَوْ غَصَبَهُ فَتُلِفَ عِنْدَهُ، فَعَلَيْهِ فِي الْمُتَقَوَّمِ الْقِيمَةُ، وَفِي الْمِثْلِيِّ الْمِثْلُ، وَحَدُّ الْمِثْلِيِّ: كُلُّ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ جَازَ السَّلَمُ فِيهِ، وَجَازَ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ، وَمَا لَمْ يَجْمَعْ هَذِهِ الأَوْصَافِ، فَهُوَ مُتَقَوَّمٌ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنِ اسْتَقْرَضَ شَيْئًا، فَرَدُّهُ أَحْسَنُ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، كَانَ مُحْسِنًا، وَيَحِلُّ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute