عَنْ عَائِشَةَ، أنَّهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّ هِنْدًا أُمَّ مُعَاوِيَةَ جَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، وَإِنَّهُ لَا يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي إِلا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ سِرًّا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَهَلْ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ».
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَاهُ مِنْ طُرُقٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ.
قَالَ الإِمَامُ: هَذَا حَدِيثٌ يَشْتَمِلُ عَلَى فَوَائِدَ وَأَنْوَاعٍ مِنَ الْفِقْهِ، مِنْهَا: جَوَازُ ذِكْرِ الرَّجُلِ بِبَعْضِ مَا فِيهِ مِنَ الْعُيُوبِ إِذَا دَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ، لأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُنْكِرْ قَوْلَهَا: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ.
وَمِنْهَا وُجُوبُ نَفَقَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا، وَوُجُوبُ نَفَقَةِ الأَوْلادِ عَلَى الآبَاءِ، وَفِيهِ اتِّفَاقٌ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّ الْوَلَدَ إِذَا كَانَ صَغِيرًا أَوْ بَالِغًا زَمَنًا وَهُوَ مُعسِرٌ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَى الْوَالِدِ الْمُوسِرِ، فَإِنْ بَلَغَ مَحَلا يُمْكِنُهُ تَحْصِيلُ نَفَقَتِهِ بِالاكْتِسَابِ، سَقَطَتْ نَفَقَتُهُ عَنِ الأَبِ، وَإِذَا وَجَبَتْ نَفَقَةُ الأَوْلادِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute