إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعدِ بْنِ مُحيصة، «أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ دَخَلَتْ حَائِطًا، فَأَفْسَدَتْ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَلَى أَهْلِ الْحَوَائِطِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ، وَأَنَّ مَا أَفْسَدَتِ الْمَوَاشِي بِاللَّيْلِ ضَامِنٌ عَلَى أَهْلِهَا».
قَوْلُهُ: ضَامِنٌ، أَيْ: مَضْمُونٌ عَلَى أَهْلِهَا.
قَالَ الإِمَامُ: ذَهَبَ إِلَى هَذَا بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ مَا أَفْسَدَتِ الْمَاشِيَةُ بِالنَّهَارِ مِنْ مَالِ الْغَيْرِ، فَلا ضَمَانَ عَلَى رَبِّهَا، وَمَا أَفْسَدَتْ بِاللَّيْلِ، يَضْمَنُهُ رَبُّهَا، لأَنَّ فِي عُرْفِ النَّاسِ أَنَّ أَصْحَابَ الْحَوَائِطِ وَالْبَسَاتِينِ يَحْفَظُونَهَا بِالنَّهَارِ، وَأَصْحَابَ الْمَوَاشِي يُسَرِّحُونَهَا بِالنَّهَارِ، وَيَرُدُّونَهَا بِاللَّيْلِ إِلَى الْمَرَاحِ، فَمَنْ خَالَفَ هَذِهِ الْعَادَةَ، كَانَ خَارِجًا عَنْ رُسُومِ الْحِفْظِ إِلَى حَدِّ التَّضْيِيعِ، هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ مَالِكُ الدَّابَّةِ مَعَهَا، فَإِنْ كَانَ مَعَهَا، فَعَلَيْهِ ضَمَانُ مَا أَتْلَفَتْهُ سَوَاءً كَانَ رَاكِبُهَا، أَوْ سَائِقُهَا، أَوْ قَائِدُهَا، أَوْ كَانَتْ وَاقِفَةً، وَسَوَاءً أَتْلَفَتْ بِيَدِهَا، أَوْ رِجْلِهَا، أَوْ فَمِهَا، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute