وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: إذَا سَاقَ دَابَّةً فَأْتعَبَهَا، فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَصابَتْ، وَإنْ كَانَ خَلْفَهَا مُتَرَسِّلا لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ غَلَبْتُهُ الدَّابَّةُ، فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا، فَلِلشَّافِعِيِّ فِيهِ قَوْلانِ، وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ، والْبِئْرُ جُبَارٌ» وَأَرَادَ بِالْمَعْدِنِ، وَالْبِئْرِ: أَنْ يَسْتَأْجِرَ الرَّجُلُ قَوْمًا لِيَعْمَلُوا فِي مَعْدِنٍ لَهُ، فَانْهَارَ الْمَعدِنُ عَلَيْهِمْ، أَوِ اسْتَأْجَرَ رَجُلا لِيَحْفُرَ لَهُ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ، فَانْهَارَتْ عَلَيْهِ، فَدِمَاؤُهُمْ هَدَرٌ، لأَنَّهُمْ أَعَانُوا عَلَى قَتْلِ أَنْفُسِهِمْ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِالْبِئْرِ أَنْ يَحْفِرَ الرَّجُل بِئْرًا فِي مِلْكِ نَفْسِهِ أَوْ فِي مَوَاتٍ، فَتَرَدَّى فِيهَا إِنْسَانٌ فَهَلَكَ، فَهُوَ هَدَرٌ، وَإِنْ كَانَتْ فِي دَارِهِ بِئْرٌ، فَأَذِنَ لإِنْسَانٍ بِدُخُولِهَا فَدَخَلَ فَسَقَطَ فِيهَا، لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إِلا أَنْ يَكُونَ لَيْلا، أَوِ الدَّاخِلِ أَعْمَى، أَوْ كَانَتْ مُغَطَّاةً، وَلَمْ يُعْلِمْهُ بِهَا ضَمِنَ الدِّيَةَ عَاقِلَتُهُ وَلا قَوَدَ.
وَرُوِيَ «وَالنَّارُ جُبَارٌ» قِيلَ: هُوَ تَصْحِيفٌ، وَإِنَّمَا هُوَ «الْبِئْرُ جُبَارٌ»، وَإِنْ صَحَّ، فَتَأْوِيلُهُ النَّارُ يُوقِدُهَا الرَّجُلُ فِي مِلْكِهِ، فَتَطِيرُ بِهَا الرِّيحُ إِلَى مَالٍ لِغَيْرِهِ مِنْ حَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ رَدُّهَا، فَهُوَ هَدَرٌ.
قَالَ الإِمَامُ: وَهَذَا إِذَا أَوْقَدَهَا فِي وَقْتِ سُكُونِ الرِّيحِ، ثُمَّ هَبَّتِ الرِّيحُ، فَإِنْ أَوْقَدَ فِي أَرْضٍ فَلاةٍ مَمْلُوكَةٍ لَهُ فِي وَقْتِ هُبُوبِ الرِّيَاحِ وَلا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute