أَن يكون الثوابُ مَعلومًا، وَقيل: لَيْسَ بمعاوضة لَا يثبت فِيهَا الرَّد بِالْعَيْبِ، وَلَا خِيَار الثَّلَاث، وَيجوز مَعَ جَهَالَة الثَّوَاب، فَإِن لم يثُب رَجَعَ، وَلَو وهب شَيْئا من مَال الرِّبَا ليثيبه بِمَا يوافقهُ فِي الْعلَّة لَا يشْتَرط التَّقَابُض فِي الْمجْلس، وَاخْتلفُوا فِي الْهِبَة الْمُطلقَة الَّتِي لم يُشترط فِيهَا الثَّوَاب، فَذهب غيرُ وَاحِد من الْفُقَهَاء إِلَى أَنَّهَا تَقْتَضِي الثَّوَاب، لما رُوي عَنْ عَائِشَة «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْبَلُ الهَدِيَّةَ وَيُثيبُ عَلَيْهَا».
ورُوي عَنْ سَعِيد الْمَقْبُرِيّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَن أَعْرَابِيًا أهْدى لرَسُول اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكرَة، فعوَّضهُ مِنْهَا بست بكرات، فتسخط، فَبلغ ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَمدَ اللَّه، وثنى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «إنَّ فُلَانًا أَهْدَى إِلَيَّ نَاقَةً، فَعَوَّضْتُهُ مِنْهَا بِسِتّ بَكَرَاتٍ، فَظَلَّ سَاخِطًا، لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أَقْبَلَ هَدِيَّةً إِلا مِنْ قُرَشيٍّ، أَوْ أَنْصَارِيٍّ، أَوْ ثَقَفِيٍّ، أَوْ دَوْسِيٍّ».
وَمِنْهُم من جعَل الناسَ فِي الْهَدَايَا على ثَلَاث طَبَقَات: هبةُ الرجُل مِمَّن هُوَ دونه، فَهُوَ إكرامٌ وإلطاف لَا يَقْتَضِي الثَّوَاب، وَكَذَلِكَ هبةُ النظير من النظير، لِأَنَّهُ يُقصد بهَا التوددُ والتَّقربُ، وَأما هبة الْأَدْنَى من الْأَعْلَى فَيَقْتَضِي الثَّوَاب، لأنَّ الْمُعْطِي يقْصد بهَا الرِّفد وَالثَّوَاب، ثُمَّ قدرُ ذَلِكَ الثَّوَاب على العُرف وَالْعَادَة، وَقيل: قدر قيمَة الْمَوْهُوب، وَقيل: حَتَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute