أَنَّ الْآيَة نزلت فِيهِ، وَلم يكن لهُ يَوْم نُزُولهَا أبٌ وَلَا ابْن، لِأَن أَبَاهُ عَبْد اللَّهِ بْن حرَام قُتِلَ يَوْم أُحُد، وآيةُ الْكَلَالَة نزلت فِي آخر عهد النَّبِيّ عَلَيْهِ السَّلامُ، رُوي عَنِ الْبَراء بْن عَازِب، أَنَّهُ قَالَ: آخر آيَة نزلت: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} [النِّسَاء: ١٧٦] فَصَارَ شَأْن جَابِر بَيَانا لمراد الْآيَة، لَا لنزولها فِيهِ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَان الْخطابِيّ: وَفِيه وجهٌ آخر وَهُوَ أشبهُ بِمَعْنى الْحَدِيث، وَذَلِكَ أَن النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ للسَّائِل عَنِ الْكَلَالَة: «تُجزيك آيَة الصَّيف» فَوَقَعت الإحالة مِنْهُ على الْآيَة فِي بَيَان معنى «الْكَلَالَة» فَوَجَبَ أَن يكون ذَلِكَ مُستنبطًا من نفس الْآيَة دون غَيرهَا، وَوجه ذَلِكَ وتحريرهُ أنَّ الْوَالِد وَالْولد اسمان مشُتقَّان من الْولادَة، فكلُّ من انتظمه اسْم الْولادَة من أَعلَى وأسفل يُحتمل أَن يُدعي ولدا، فالوالد يسمَّى ولدا، لِأَنَّهُ قد ولد، والمولود يُسمى ولدا، لِأَنَّهُ قد وَلِدَ، كالذُّريَّة اسمٌ مُشتق من ذَرأ اللَّه الْخلق، والولدُ ذُرِّيَّة، لأَنهم ذُرِئوا، أَي: خلقُوا، وَالْأَب ذُرِّيَّة، لِأَن الْوَلَد ذُرئ مِنْهُ، يدلُّ على صِحَة ذَلِكَ قولهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} [يس: ٤١] يريدُ، وَالله أعلم، نوحًا وَمن معهُ، فَجعل الْآبَاء ذريَّة كالأولاد، لصدور الاسمين مَعًا عَنِ الذرء، فعلى هَذَا قد يَصِحُّ أَن المرادَ بقوله عَزَّ وَجَلَّ: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} [النِّسَاء: ١٧٦] أَي: ولادَة فِي الطَّرفَيْنِ من أَعلَى وأسفل، وَالله أعلم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute