للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قولهُ: «يفك عانه» يُرِيد عانيه، فَحذف الْيَاء، والعاني: الْأَسير وَأَرَادَ مَا يَلزمُه بِسَبَب الْجِنَايَات الَّتِي سَبِيلهَا أَن تتحمَّلها الْعَاقِلَة، كَمَا صرح بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيث من رِوَايَة شُعْبَة، عَنْ بديل بْن ميسرَة، قَالَ: «يَعْقِلُ عَنْهُ وَيَرِثُ مَالَهُ».

وهَذَا حجَّة لمن ذهبَ إِلَى تَوْرِيث الْأَرْحَام وهم أَوْلَاد الْبَنَات، وَالْجد أَب الْأُم، وأولادُ الْأُخْت، وَبَنَات الْأَخ، وَبَنَات الْعم، وَالْعم للْأُم، والعمة، وَالْخَال، وَالْخَالَة، فَاخْتلف النَّاسُ فِي توريثهم، فَذهب جمَاعَة مِنْهُم إِلَى أنهُ لَا مِيرَاث لَهُم، بل يصرف مالُ الْمَيِّت الَّذِي لم يخلف وَارِثا إِلَى بَيت مَال الْمُسلمين إِرْثا لَهُم بأخوة الْإِسْلَام.

وَهُوَ قولُ أَبِي بَكْر، وَزَيْد بْن ثَابِت، وَابْن عُمَر، وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيّ، وَالأَوْزَاعِيّ، وَمَالك، وَالشَّافِعِيّ، وتأوَّلوا حَدِيث الْمِقْدَام على أَنَّهُ طعمة أطِعمها الخالُ عِنْد عدم الْوَارِث، وسماهُ وَارِثا مجَازًا على معنى أنهُ صَار المَال مصروفًا إِلَيْهِ، يدلُّ عَلَيْهِ أنَّ الْخَال لَا يعقل ابْن أُخْته، كَذَلِك لَا يَرِثُهُ.

وَذهب كثيرٌ من أهل الْعلم إِلَى توريثهم عِنْد عدم الْوَرَثَة، وَهُوَ قولُ عُمَر، وَعلي، وَعَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُود، وَإِلَيْهِ ذهب الشَّعْبِيّ، وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيّ، وَأَحْمَد، وأصحابُ الرَّأْي، ثُمَّ عِنْد عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُود يُقدم ذَوُو الْأَرْحَام على مَوْلَى الْعتاق، وَعند عَليّ يُقدم مَوْلَى الْعتاق عَلَيْهِم، وَهَذَا قولُ هَؤُلَاءِ الفُقهاء، ويقدمون الردَّ على أَصْحَاب الْفَرَائِض، سوى الزَّوْجَيْنِ مثل الْبِنْت، وَالأُم، وَالْأُخْت، على تورث من لَيْسَ بِذِي فرض من ذَوي الْأَرْحَام، ثُمَّ عِنْد عَليّ مَا فضل من فرائضهم يُردُّ عَلَيْهِم، ويُقسم على سِهَام فرائضهم، وَهُوَ قَول أَبِي حنيفَة، وَعند ابْن مَسْعُود لَا يردُّ على بنت الابْن مَعَ بنت

<<  <  ج: ص:  >  >>