وَقَالَ بَعضهم: إِذا قتل الْعَادِل أَبَاهُ يَرِثهُ، لِأَنَّهُ محق، وَإِن قَتله الْبَاغِي لَا يَرِثهُ، لِأَنَّهُ غير مُحق، وَلَو كَانَ الْقَتْل فِي حد لَا يحرم الْمِيرَاث عِنْد الْأَكْثَرين، وَلَو جرح رجلٌ أَبَاهُ فَمَاتَ الْجَارِح قبل موت الْمَجْرُوح يَرِثهُ الْمَجْرُوح، لأنَّ حرمَان الْقَاتِل لجنايته وقصده إِلَى استعجال الْمِيرَاث، وَلَا جِنَايَة من الْمَجْرُوح.
وَأما عمى الْمَوْت هُوَ أنَّ المتوارثين إِذا عمي مَوْتهمَا بِأَن غرقا فِي مَاء، أَو انهدمَ عَلَيْهِمَا بِنَاء، أَو غابا، فجَاء نعيُهما، وَلم يدر أيُّهما سبق موتهُ، فَلَا يُورثُ أَحدهمَا من الآخر، بل ميراثُ كلِّ وَاحِد مِنْهُمَا لمن كَانَ حَيَاته يَقِينا بعد مَوته من ورثته.
قَالَ ربيعَة عَنْ غير وَاحِد من عُلَمَائهمْ: إنهُ لم يتوارث من قُتِل يَوْم الْجمل، وَيَوْم صفّين، وَيَوْم الْحرَّة، إِلا من علم أَنَّهُ قتل قبل صَاحبه.
وَحكي عَنِ ابْن مَسْعُود: أَن كل وَاحِد يَرث من صَاحبه تليد مَاله دون مَا ورث مِنْهُ، وكل من لَا يَرث من هَؤُلَاءِ لَا يحجبُ الْغَيْر عَنِ الْمِيرَاث عِنْد عَامَّة أهل الْعلم، وَهُوَ قَول عَليّ وَزَيْد، وَقَالَ ابْن مَسْعُود: يحتجبون وَلَا يَرِثُونَ.
وَلَو مَاتَ رجُل ووارثه حمل فِي الْبَطن، يُوقف لهُ الْمِيرَاث، فَإِن خرج حَيا كَانَ لَهُ، وَإِن خرج مَيتا فَلَا يُورث مِنْهُ، بل هُوَ لسَائِر ورثته الأول، وَإِن خرج حَيا ثُمَّ مَاتَ يُورث منهُ، سَوَاء استهلَّ أَو لم يستهل، بعد أَن وجد فِيهِ أَمارَة الْحَيَاة من عطاس، أَو تنفس، أَو حَرَكَة دالَّة على الْحَيَاة، سوى اخْتِلَاج الْخَارِج عَنِ الْمضيق، وَهُوَ قَول الثَّوْرِيّ، وَالأَوْزَاعِيّ، وَالشَّافِعِيّ، وَأَصْحَاب الرَّأْي.