للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَوله: «فإِن اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَليُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ».

قَالَ الإِمَامُ: هَذَا يُؤَكد مَا ذكرنَا من أَن الْمَرْأَة لَا تُباشر العقد بِحَال، إِذْ لَو صلحت عبارتُها لعقد النِّكَاح، لأطلق لَهَا ذَلِكَ عِنْد اخْتِلَاف الْأَوْلِيَاء، وَلم يَجعله إِلَى السُّلْطَان، وَأَرَادَ بِهَذِهِ المشاجرة مشاجرة العضل دون المشاجرة فِي السَّبق، فَإِن الْوَلِيّ إِذا عضَل، وَلم يكن فِي دَرَجَته غَيره، كَانَ التزويجُ إِلَى السُّلْطَان، لَا إِلَى من هُوَ أبعد من الْأَوْلِيَاء، وَكَذَلِكَ الْوَلِيّ الْأَقْرَب إِذا غَابَ إِلَى مَسَافَة الْقصر زَوجهَا السُّلْطَان بنيابته عِنْد الشَّافِعِيّ.

وَذهب أَصْحَاب الرَّأْي إِلَى أَن الْغَيْبَة المنقطعة تنقل الْولَايَة إِلَى الْأَبْعَد، كَمَا لَوْ مَاتَ الْأَقْرَب أَو جُن، كَانَ التَّزْوِيج إِلَى الْأَبْعَد بالِاتِّفَاقِ، وَفرق بنيهما من حَيْثُ إِن الْمَوْت وَالْجُنُون يُخرجانه من الْولَايَة، والغيبة لَا تخرجه عَنِ الْولَايَة، غير أَنَّهُ تعذر الوصولُ إِلَى تَزْوِيجه، فينوب السُّلْطَان مَنَابه، كَمَا فِي العضل.

أما إِذا كَانَت الْمَرْأَة لَهَا أولياءُ فِي دَرَجَة وَاحِدَة مثل الْإِخْوَة، أَو بني الْإِخْوَة، أَو الْأَعْمَام، أَو بني الْأَعْمَام، وَاخْتلفُوا فِيمَن يَلِي العقد عَلَيْهَا، فَإِذا أذِنت الْمَرْأَة لوَاحِد، فَهُوَ الْوَلِيّ، وَإِن لم تعين وَاحِدًا وَاخْتلفُوا، يُقرع بَينهم، وَلَو بَادر وَاحِد مِنْهُم، وَزوجهَا بِرِضَاهَا من كُفْء دون إِذن البَاقِينَ، صَحَّ النِّكَاح، وَلزِمَ، وَإِن زَوجهَا بِرِضَاهَا من غير كُفْء، فللباقين رده، لما يلحقهم من الْعَار بدناءة من يدْخل عَلَيْهِم فِي نسبهم، وَلَو زَوجهَا الْأَقْرَب من غير كُفْء بِرِضَاهَا، فَلَا اعْتِرَاض للأبعد، إِذْ لَيْسَ للأبعد فِي هَذِه الْحَالة عَلَيْهَا ولَايَة.

وَمن أَرَادَ نِكَاح امْرَأَة وَهُوَ وليُّها لَا وليَّ لَهَا سواهُ، مثل ابْنة عَمه، أَو مُعتقته، زَوجهَا السُّلْطَان مِنْهُ، فَلَو زَوجهَا الوليُّ من نَفسه بِرِضَاهَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>