قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: قَوْلُهُ: «إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ» كَلامُ بَسْطٍ وَتَأْنِيسٍ لِلْمُخَاطَبِينَ لِئَلا يَحْتَشِمُوهُ، وَلا يَسْتَحْيُوا عَنْ مَسْأَلَتِهِ فِيمَا يَعْرِضُ لَهُمْ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ، كَمَا لَا يَسْتَحْيِي الْوَلَدُ عَنْ مَسْأَلَةِ الْوَالِدِ فِيمَا عَنَّ وَعَرَضَ لَهُ، وَفِي هَذَا بَيَانُ وُجُوبِ طَاعَةِ الآبَاءِ، وَأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِمْ تَأْدِيبُ أَوْلادِهِمْ، وَتَعْلِيمُهُمْ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ.
قَوْلُهُ: «وَلْيَسْتَنْجِ» أَصْلُ الاسْتِنْجَاءِ فِي اللُّغَةِ: الذَّهَابُ إِلَى النَّجْوَةِ مِنَ الأَرْضِ، لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَالنَّجْوَةُ: الْمُرْتَفَعَةُ مِنْهَا، كَانُوا يَسْتَتِرُونَ بِهَا إِذَا قَعَدُوا لِلتَّخَلِّي، فَقِيلَ عَلَى هَذَا: قَدِ اسْتَنْجَى الرَّجُلُ، أَيْ: أَزَالَ النَّجْوَ عَنْ بَدَنِهِ، وَالنَّجْوُ كِنَايَةٌ عَنِ الْحَدَثِ، كَمَا كُنِّيَ عَنْهُ بِالْغَائِطِ، وَأَصْلُ الْغَائِطِ: الْمُطْمَئِنُّ مِنَ الأَرْضِ كَانُوا يَنْتَابُونَهُ لِلْحَاجَةِ، فَكَنُّوا بِهِ عَنْ نَفْسِ الْحَدَثِ كَرَاهِيَةً لِذِكْرِهِ بِخَاصِّ اسْمِهِ.
وَقِيلَ: الاسْتِنْجَاءُ: نَزْعُ الشَّيْءِ مِنْ مَوْضِعِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: نَجَوْتُ الرُّطَبَ وَاسْتَنْجَيْتُهُ: إِذَا جَنَيْتُهُ، وَاسْتَنْجَيْتُ الْوَتَرَ: إِذَا خَلَّصْتُهُ مِنْ أَثْنَاءِ اللَّحْمِ وَالْعَظْمِ.
وَالرِّمَّةُ: الْعِظَامُ الْبَالِيَةُ، سُمِّيَتْ رِمَّةً، لأَنَّ الإِبِلَ تَرُمُّهَا، أَيْ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute