للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَو تزوج صَغِيرَة وكبيرة، فأرضعت الكبيرةُ الصغيرةَ، انْفَسَخ نكاحُهما، لِأَنَّهُمَا صارتا أما وبنتًا مَعًا، ثُمَّ إِن كَانَ الرَّضاع بِلَبن الزَّوْج، فهما محرمتان عَلَيْهِ على التَّأْبِيد، لِأَن الصَّغِيرَة ابنتهُ، والكبيرة أم من كَانَت زَوْجَة لَهُ، وَإِن كَانَ بِلَبن غَيره، فَإِن كَانَ بعد الدُّخُول بالكبيرة، فَكَذَلِك، لِأَن الْكَبِيرَة أمُّ زَوجته، وَالصَّغِيرَة بنتُ زَوجته الَّتِي دخل بهَا، وَإِن كَانَ قبل الدُّخُول بالكبيرة، فالكبيرة مُحرمَة عَلَيْهِ على التَّأْبِيد، وَيجوز لَهُ أَن يَبْتَدِئ نكاحَ الصَّغِيرَة، وَلَو تزوج رضيعتين، فأرضعتهما أَجْنَبِيَّة مَعًا، انْفَسَخ نكاحُهما، لِأَنَّهُمَا صارتا أُخْتَيْنِ، وَللزَّوْج أَن يَبْتَدِئ نِكَاح وَاحِدَة مِنْهُمَا، وَلَا يجوزُ الْجمع بَينهمَا، لِأَنَّهُمَا أختَان وَلَو أرضعتهما على التَّرْتِيب، فبإرضاع الأولى لَا يَنْفَسِخ نِكَاحهمَا، فَإِذا أرضعت الثَّانِيَة، انْفَسَخ نكاحُ الثَّانِيَة، وَفِي انْفِسَاخ نِكَاح الأولى قَولَانِ، أصَحهمَا وَبِهِ قَالَ أَبُو حنيفَة: يَنْفَسِخ، لِأَن انْعِقَاد الْأُخوة بَينهمَا برضاع الثَّانِيَة مَعًا، كَمَا لَو أرضعتهما مَعًا، وَإِذا نزل للبكر لبن، فأرضعت بِهِ صَبيا، تثبت الْحُرْمَة إِذا كَانَت فِي سنّ يحْتَمل فِيهَا الْبلُوغ، وَهِي تسع سِنِين، وَلَو نزل للرجل لبن فأرضع بِهِ صَبيا لَا تثُبت بِهِ الْحُرْمَة.

قَالَ الإِمَامُ: والرَّضاع كالنسب فِي تَحْرِيم المناكحة، وَإِثْبَات الْمَحْرَمِيَّة حَتَّى تجوز الْخلْوَة والمسافرة بمحارم الرَّضَاع، وَيسْتَحب لَهُ برُّ الْمُرضعَة، فقد رُوِيَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْل، قَالَ: " كُنْتُ جَالِسًا مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ أَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ، فَبَسَطَ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِدَاءَه حَتَّى قَعَدَتْ، قيل: هَذِه كانَتْ أَرْضَعَتِ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>