قَالَ الإِمَامُ: إِذا أسلم الزَّوْجَانِ المشركان مَعًا، دَامَ النِّكَاح بَينهمَا، وَكَذَلِكَ إِذا أسلم الزَّوْج، وَتَخَلَّفت الْمَرْأَة وَهِي كِتَابِيَّة يَدُوم النِّكَاح بَينهمَا، فَأَما إِذا كَانَت هِيَ مُشركَة أَو مَجُوسِيَّة، أَو أسلمت الْمَرْأَة، وتخلف الزَّوْج على أيِّ دين كَانَ، فَاخْتلف أهل الْعلم فِيهِ، فَذهب جمَاعَة إِلَى أَنَّهُ إِن كَانَ قبل الدُّخُول بهَا تتنجزُ الْفرْقَة بَينهمَا بِنَفس الْإِسْلَام، وَإِن كَانَ بعد الدُّخُول بهَا، يتَوَقَّف على انْقِضَاء الْعدة، فَإِن أسلم المتخلف مِنْهُمَا قبل انْقِضَاء عدَّة الْمَرْأَة، فهما على النِّكَاح، وَإِن لم يسلم، بَان أنَّ الْفرْقَة وَقعت باخْتلَاف الدَّين، وَهُوَ قَول الزُّهْرِيّ، وَإِلَيْهِ ذهب الأَوْزَاعِيّ، وَالشَّافِعِيّ، وَأَحْمَد، وَإِسْحَاق.
وَذهب جمَاعَة إِلَى أَن الْفرْقَة تتنجز بَينهمَا إِذا أسلم أَحدهمَا بِنَفس الْإِسْلَام، رُوي ذَلِكَ عَنِ ابْن عَبَّاس، وَإِلَيْهِ ذهب الْحَسَن، وَعِكْرِمَة، وَقَتَادَة، وَعَطَاء، وَطَاوُس، وَعُمَر بْن عَبْد الْعَزِيزِ، وَهُوَ قَول ابْن شبْرمَة، وَأَبِي ثَوْر، وَقَالَ مَالِك: إِذا أسلم الرجل قبل امْرَأَته، وَقعت الْفرْقَة إِذا عُرض عَلَيْهَا الْإِسْلَام فَأَبت، وَقَالَ الثَّوْرِيّ: إِذا أسلمت الْمَرْأَة، عُرض على زَوجهَا الْإِسْلَام، فَإِن أَبى، فرق بَينهمَا، وَقَالَ أَصْحَاب الرَّأْي: إِذا كَانَا فِي دَار الْإِسْلَام، فَأسلم أَحدهمَا، لَا تقع الْفرْقَة بَينهمَا حَتَّى يلْتَحق الْكَافِر بدار الْكفْر، أَو يعرض عَلَيْهِ الْإِسْلَام، فيأبى، وَإِن كَانَا فِي دَار الْحَرْب، فحتى يلْتَحق الْمُسلم بدار الْإِسْلَام، أَو يمْضِي بِالْمَرْأَةِ ثَلَاثَة أَقراء، وَلَا يفرق هَؤُلَاءِ بَين مَا بعد الدُّخُول وَقَبله، وَاخْتِلَاف الدَّار عِنْد أَصْحَاب الرَّأْي يُوقع الْفرْقَة بَين الزَّوْجَيْنِ حَتَّى لَو دخل أحد الزَّوْجَيْنِ الْكَافرين دَار الْإِسْلَام، وَعقد الذِّمَّة، وَالْآخر فِي دَار الْحَرْب، تقع الْفرْقَة بَينهمَا، وَالدَّلِيل على أَن اخْتِلَاف الدَّار لَا يُوجب الْفرْقَة مَا يرْوى عَنْ عِكْرِمَة، عَنِ ابْن عَبَّاس، قَالَ: «
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute