ذَلِكَ أم كثر، وَذهب قوم إِلَى أَنَّهُ لَا يَزِيد على مَا سَاق إِلَيْهِ، وَقَالَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب: لَا يَأْخُذ مِنْهَا جَمِيع مَا أَعْطَاهَا، بل يتْرك شَيْئا.
وَفِيه دَلِيل على أَن الْخلْع فِي حَال الْحيض، وَفِي طهر جَامعهَا فِيهِ لَا يكون بدعيًا، لِأَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أذن لَهُ فِي مخالعتها من غير أَن تعرف حَالهَا، وَلَوْلَا جَوَازه فِي جَمِيع أحوالها لأشبه أَن يتعرف الْحَال فِي ذَلِكَ، وَاتفقَ أهل الْعلم على أَنَّهُ إِذا طَلقهَا على مَال، فقِبلت، فَهُوَ طَلَاق بَائِن، وَاخْتلفُوا فِي الْخلْع، فَذهب جمَاعَة إِلَى أَنَّهُ فسخ، وَلَيْسَ بِطَلَاق، وَلَا ينتِقص بِهِ الْعدَد، وَهُوَ قولُ عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر، وَعَبْد اللَّهِ بْن عَبَّاس، وَبِهِ قَالَ عِكْرِمَة، وَطَاوُس، وَهُوَ أحد قولي الشَّافِعِيّ، وَإِلَيْهِ ذهب أَحْمَد، وَإِسْحَاق، وَأَبُو ثَوْر، احْتَجُّوا بقول اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [الْبَقَرَة: ٢٢٩]، ثُمَّ ذكر بعده الْخلْع، فَقَالَ: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [الْبَقَرَة: ٢٢٩]، ثُمَّ ذكر الطَّلقَة الثَّالِثَة، فَقَالَ: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [الْبَقَرَة: ٢٣٠]، وَلَو كَانَ الْخلْع طَلَاقا، لَكَانَ الطَّلَاق أَرْبعا، وَذهب الْأَكْثَرُونَ إِلَى أَن الْخلْع تَطْلِيقَة بَائِنَة ينتقِص بِهِ عددُ الطَّلَاق، وَهُوَ قَول عُمَر، وَعُثْمَان، وَعلي، وَابْن مَسْعُود، وَبِهِ قَالَ الْحَسَن، وَالنَّخَعِيّ، وَعَطَاء، وَسَعِيد بْن الْمُسَيِّب، وَشُرَيْح، وَالشَّعْبِيّ، وَمُجاهد، وَمَكْحُول، وَالزُّهْرِيّ، وَإِلَيْهِ ذهب مَالِك، وَسُفْيَان الثَّوْرِيّ، وَالأَوْزَاعِيّ، وَالشَّافِعِيّ فِي أصح قوليه، وَأَصْحَاب الرَّأْي.
وَاخْتلفُوا فِي عدَّة المختلعة بعد الدُّخُول، فَذهب أَكثر أهل الْعلم من أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمن بعدهمْ، وعامةُ الْفُقَهَاء إِلَى أَن عدتهَا، وعدة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute