للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} [النُّور: ٦]، فثبتَ أَن اللِّعان حجَّة الْقَاذِف على صدقه كالبيِّنة، وَلَو شهد الزَّوْج على زَوجته بالزنى مَعَ ثَلَاثَة، فشهادة الزَّوْج مَرْدُودَة عِنْد بعض أهل الْعلم، وَهُوَ قَاذف عَلَيْهِ الحدُّ إِلا أَن يُلاعن، وَهُوَ قَول النَّخعي، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيّ، وَذهب قوم إِلَى أَن شَهَادَة الزَّوْج مَقْبُولَة، وَعَلَيْهَا الْحَد، وَهُوَ قَول الشَّعْبِيّ، وَأَصْحَاب الرَّأْي، وَمن جعل الزَّوْج قَاذِفا بِهَذِهِ الشَّهَادَة، قَالَ: حكم الثَّلَاثَة الَّذين شهدُوا حكم شُهُود الزِّنَى إِذا لم يكملوا أَرْبَعَة.

وَاخْتلف فيهم أهل الْعلم، فَذهب أَكْثَرهم إِلَى أَنهم قذفة، عَلَيْهِم حد الْقَذْف، لما رُوي عَنْ عُمَر أَنَّهُ شهد عِنْده ثَلَاثَة على رجل بالزنى، وَلم يكمل الرَّابِع شَهَادَته، فجلد الثَّلَاثَة، وَهُوَ قَول أَصْحَاب الرَّأْي، وَأظْهر قولي الشَّافِعِيّ، وَذهب بَعضهم إِلَى أَنهم لَا يحدُّون، لأَنهم جَاءُوا مَجِيء الشُّهُود، وَلَو شهد أَربع على زنى امْرَأَة، وأقامت الْمَرْأَة أَربع نسْوَة على أَنَّهَا عذراء، لَا حدَّ عَلَيْهَا، لِأَن عذرتها تَنْفِي زنَاهَا، وَلَا حدَّ على قاذفها لقِيَام الْبَيِّنَة على زنَاهَا، وَقد يتَصَوَّر عود العُذرة.

قَالَ الشَّعْبِيّ: مَا كنتُ لأقيم الْحَد على امْرَأَة عَلَيْهَا من اللَّه خَاتم، وَعنهُ رِوَايَة أُخْرَى: أَن الحدَّ يُقَام عَلَيْهَا.

وَيجْرِي اللِّعان بَين الزَّوْجَيْنِ الرقيقين والذميين، كَمَا يجْرِي بَين الحرَّين الْمُسلمين عِنْد أَكثر أهل الْعلم، وَهُوَ قَول سَعِيد بْن الْمُسَيِّب، وَسليمَان بْن يَسَار، وَالْحَسَن، وَبِهِ قَالَ ربيعَة، وَمَالك، وَاللَّيْث، وَالثَّوْرِيّ، وَالشَّافِعِيّ، وَأَحْمَد، وَإِسْحَاق.

وَجُمْلَته أَن من صَحَّ يَمِينه، صَحَّ لِعَانه، وَذهب بَعضهم إِلَى أَنَّهُ لَا يَصح اللّعان إِلا مِمَّن هُوَ من أهل الشَّهَادَة، وَهُوَ قَول حَمَّاد، وَالزُّهْرِيّ، وَالأَوْزَاعِيّ، وَأَصْحَاب الرَّأْي، حَتَّى قَالُوا: لَو

<<  <  ج: ص:  >  >>