للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِيه من الْفِقْه أَن الرجل إِذا قذف زَوجته، ولاعَنَ عَنْهَا، وَنفى وَلَدهَا، ثُمَّ قَذفهَا قَاذف، يجب عَلَيْهِ الْحَد، سَوَاء لاعنت بعد لِعَانه، أَو امْتنعت، فحدَّث للزنى، وَلَو قَذفهَا زوجُها، فَعَلَيهِ التَّعْزِير بِخِلَاف مَا لَو ثَبت زنَاهَا بِبَيِّنَةٍ، أَو إِقْرَار من جِهَتهَا لَا يجب الحدُّ على قاذفها، سَوَاء قَذفهَا زَوجهَا أَو غَيره، لِأَن البيِّنة وَالْإِقْرَار حجَّة عَامَّة، واللِّعان حجَّة خَاصَّة فِي حق الزَّوْج، هَذَا قَول أَكثر أهل الْعلم، وَذهب أَصْحَاب الرَّأْي إِلَى أَنَّهُ إِن كَانَ هُنَاكَ ولدٌ حيّ قد نَفَاهُ باللِّعان لَا يجب الْحَد على قاذفها، وَإِن كَانَ بعد موت الْوَلَد الْمَنْفِيّ، أَو كَانَ اللِّعان جرى بَينهمَا لَا على نفي ولد، فَيجب الحدُّ على قاذفها، وَهَذَا تَفْصِيل لَا يَصح فِي أثر وَلَا نظر.

وَفِيه دَلِيل على أَن فرقة اللِّعان فرقة فسخ، وَلَا سُكنى للملاعنة، وَلَا نَفَقَة كَمَا قَالَه الشَّافِعِيّ رَحمَه اللَّه.

قَالَ الإِمَامُ: وَيتَعَلَّق بِلعان الزَّوْج عِنْد الشَّافِعِيّ خمسةُ أَحْكَام: سُقُوط حد الْقَذْف عَنْهُ، وَوُجُوب حد الزِّنَى على الْمَرْأَة، كَمَا لَو أَقَامَ بيِّنة على زنَاهَا، وَانْقِطَاع الْفراش عَنْهُ، وتأبُّدُ التَّحْرِيم، وَنفي النّسَب.

وَلَا يتَعَلَّق بِإِقَامَة البيِّنة شَيْء مِنْهَا إِلا سُقُوط حد الْقَذْف عَنْهُ، وَوُجُوب حد الزِّنَى عَلَيْهَا، ثُمَّ بعد لعان الزَّوْج إِذا أَرَادَت الْمَرْأَة إِسْقَاط حد الزِّنَى عَنْ نَفسهَا فَإِنَّهَا تلاعن، لقَوْل اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} [النُّور: ٨]، وَالْمرَاد بِالْعَذَابِ: الحدُّ، وَلَا يتَعَلَّق بِلعان الْمَرْأَة إِلا هَذَا الحكم الْوَاحِد.

وَلَو أَقَامَ الزَّوْج بيِّنة على زنَاهَا، لم يكن لَهَا إِسْقَاط الْحَد بِاللّعانِ، وَذهب أَصْحَاب الرَّأْي إِلَى أَن الزَّوْج إِذا امْتنع عَنِ اللّعان، يُحبس حَتَّى يُلاعن،

<<  <  ج: ص:  >  >>