وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عَلْقَمَة الْهَاشِمِيّ، عَنْ أَبِي سَعِيد، أَن رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث يَوْم حُنين بعثًا إِلَى أَوْطَاس، فلقُوا الْعَدو، فقاتلوهم، وظهروا عَلَيْهِم، وَأَصَابُوا سَبَايَا، فكأنَّ نَاسا من أَصْحَاب رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تحرجوا من غِشيانهنَّ من أجل أَزوَاجهنَّ من الْمُشْركين، فَأنْزل اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النِّسَاء: ٢٤]، أَي: فهُنَّ لكم حَلَال، إِذا انْقَضتْ عدتهن.
وَالْمرَاد من الْمُحْصنَات فِي هَذَا الْموضع: المتزوجات، فدلَّ إباحتُهُنَّ للموالي على ارْتِفَاع النِّكَاح بَينهُنَّ، وَبَين أَزوَاجهنَّ بِالسَّبْيِ، وَتَأَول ابْن عَبَّاس الْآيَة على الْأمة الْمُزَوجَة يَشْتَرِيهَا رجل، وَجعل بيعهَا طَلَاقا، وَأحل للْمُشْتَرِي وَطأهَا، وَعَامة أهل الْعلم على خِلَافه، وَلم يجْعَلُوا بيع الْأمة ذَات الزَّوْج طَلَاقا.
وَفِيه أَن استحداثَ المُلْك فِي الْأمة يُوجب الِاسْتِبْرَاء، فَلَا يجوز لمن يملك جَارِيَة وَطْؤُهَا مَا لم يمضِ زمَان الِاسْتِبْرَاء، سَوَاء كَانَت بكرا، أَو ثَيِّبًا، تَملكهَا من رجل أَو امْرَأَة، وَكَذَلِكَ الْمُكَاتبَة إِذا عجزت، والمبيعة إِذا عَادَتْ إِلَى بَائِعهَا بإقالة، أَو ردٍّ بِعَيْب، فَلَا يحل وَطْؤُهَا إِلا بعد الِاسْتِبْرَاء، وَقَالَ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد، وَسَالم بْن عَبْد اللَّهِ: لَا يجب اسْتِبْرَاء غير الْبَالِغَة، وَهُوَ قَول اللَّيْث بْن سَعْد، وَقَالَ ابْن عُمَر: إِذا وهبت الوليدة الَّتِي تُوطأ، أَو بِيعَتْ، أَو أعتقت، فليُستبرأ رحمُها بِحَيْضَة، وَلَا تستبرأ العذارء.
وَفِيه، أَن وَطْء الحبالى من السبايا لَا يجوز، وَقد رُوي عَنْ رُويفع بْن ثَابِت الْأنْصَارِيّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute