وَالْعَمَل على هَذَا عِنْد أَكثر أهل الْعلم، قَالُوا: إِذا اسْتكْمل الْغُلَام، أَو الجاريةُ خمس عشرَة سنة، كَانَ بَالغا، وَبِهِ قَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ، وَابْن الْمُبَارَك، وَالأَوْزَاعِيّ، وَالشَّافِعِيّ، وَأَحْمَد، وَإِسْحَاق، وَإِذا احْتَلَمَ وَاحِد مِنْهُمَا قبل بُلُوغه خمس عشرَة سنة بعد استكمال تسع سِنِين يحكم بِبُلُوغِهِ، وَكَذَلِكَ إِذا حَاضَت الْجَارِيَة بعد استكمال تسع، وَلَا حيض، وَلَا احْتِلَام قبل بُلُوغ التسع، وَإِذا أَتَت الْجَارِيَة بِولد قبل بُلُوغهَا خمس عشرَة سنة يحكم ببلوغها قبل ذَلِكَ بِسِتَّة أشهر، لِأَنَّهَا أقل مُدَّة الْحمل.
قَالَ الشَّافِعِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَأعجل من سَمِعت من النِّسَاء يحضن نسَاء بتهامة، يحضن وَهن بَنَات تسع.
وَقَالَ الْحَسَن بْن صَالِح: أدْركْت جَارِيَة لنا جدة بنتَ إِحْدَى وَعشْرين سنة، وَعَن أَبِي الْعَالِيَة، أَن عُمَر بْن الْخَطَّاب، قَالَ:«يُكتب للصَّغِير حسناتُه، وَلَا تُكتب عَلَيْهِ سيئاته، فَإِذا بلغ ثَلَاث عشرَة سنة، كتب عَلَيْهِ وَله»، فَذكر ذَلِكَ لِلْحسنِ، فَقَالَ: ذَلِكَ حِين يَحْتَلِم.
قَالَ أَحْمَد، وَإِسْحَاق: للبلوغ ثَلَاث منَازِل، بُلُوغ خمس عشرَة، أَو الِاحْتِلَام، فَإِن لم يُعرف سنُّه، وَلَا احتلامُه، فالإنبات، يَعْنِي: الْعَانَة.
وحُكي عَنْ مَالِك أَيْضا أَنَّهُ جعل الإنبات بلوغًا، وَقَالَ فِي السن: إِذا بلغ من السن مَا لَا يُجَاوِزهُ غُلَام إِلا احْتَلَمَ، حكم بِبُلُوغِهِ، وَلم يَجْعَل الْخَمْسَة عشر حدا.
وَجعل الشَّافِعِيّ الإنبات بلوغًا فِي أَوْلَاد الْكفَّار دون الْمُسلمين حَتَّى يجوز قتل من أنبت من السَّبي، لِأَن الْكفَّار لَا يُوقف على مواليدهم، فيُعرف بلوغهم بِالسِّنِّ.