أَنْ تَحْلِفُوا بآبَائِكُمْ».
فَإِنْ قِيلَ: أَلَيْسَ قَدْ أَقْسَمَ اللَّهُ بِبَعْضِ مَخْلُوقَاتِهِ، فَقَالَ: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} [البروج: ١]، {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} [الشَّمْس: ١]، {وَالْفَجْرِ {١} وَلَيَالٍ عَشْرٍ {٢}} [الْفجْر: ١ - ٢]؟ قِيلَ: فِيهِ إِضْمَارٌ مَعْنَاهُ: وَرَبِّ السَّمَاءِ، وَرَبِّ الشَّمْسِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ} [المعارج: ٤٠]، {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ} [الذاريات: ٢٣].
فَإِنْ قِيلَ: أَلَيْسَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي حَدِيثِ الأَعْرَابِيِّ الَّذِي سَأَلَهُ عَنِ الإِسْلامِ، وَقَالَ بَعْدَ مَا بَيَّنَ لَهُ: لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلا أَنْقُصُ.
فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: «أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ».
قِيلَ: تِلْكَ كَلِمَةٌ جَرَتْ عَلَى لِسَانِهِ عَلَى عَادَةِ الْكَلامِ الْجَارِي عَلَى الأَلْسُنِ، لَا عَلَى قَصْدِ الْقَسَمِ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَسْتَعْمِلُهَا كَثِيرًا فِي خِطَابِهَا تُؤَكِّدُ بِهَا كَلامَهَا عَلَى وَجْهِ التَّعْظِيمِ، وَالنَّهْيُ إِنَّمَا وَقَعَ عَنْهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّوْقِيرِ، وَالتَّعْظِيمِ لَهُ، كَالْحَالِفِ بِاللَّهِ يَقْصِدُ بِذِكْرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي يَمِينِهِ التَّعْظِيمَ، وَالتَّوْقِيرَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute