الْمَرْأَةِ، فَلَمْ يَنْعَقِدْ فِيهِ نَذْرُهَا، وَكَذَلِكَ الْحَفَاءُ، وَلَوْ نَذَرَ الرَّجُلُ أَنْ يَحُجَّ حَافِيًا، فَلا يَلْزَمُ الْحَفَاءُ أَيْضًا لِمَا فِيهِ مِنْ إِتْعَابِ الْبَدَنِ، وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ إِلا أَنْ يَعْجَزَ، فَيَرْكَبُ مِنْ حَيْثُ عَجَزَ، وَيَلْزَمُهُ الْمَشْيُ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ، وَقِيلَ: مِنَ الْمِيقَاتِ.
وَإِذَا رَكِبَ لِعَجْزٍ، هَلْ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ أَمْ لَا؟ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ، فَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى أَنَّ عَلَيْهِ دَمَ شَاةٍ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَظْهَرُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، وَأَصَحُّهُمَا، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ إِلا عَلَى وَجْهِ الاحْتِيَاطِ لِحَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِالرُّكُوبِ مُطْلَقًا، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِفِدْيَةٍ، وَحَيْثُ أَمَرَ فَاسْتِحْبَابٌ، كَمَا رُوِيَ: «وَلْتُهْدِ بَدَنَة»، وَلا تَجِبُ الْبَدَنَةُ لُزُومًا.
وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: عَلَيْهِ بَدَنَةٌ.
قَوْلُهُ: «وَلْتَصُمْ ثَلاثةَ أَيَّامٍ» أَرَادَ: عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ الْهَدْيِ، وَقِيلَ: يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْهَدْيِ وَالصَّوْمِ كَمَا فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ، إِنْ شَاءَ فَدَاهُ بِمِثْلِهِ، وَإِنْ شَاءَ قَوَّمَ الْمِثْلَ دَرَاهِمَ، وَالدَّرَاهِمَ طَعَامًا، وَتَصَدَّقَ بِالطَّعَامِ، وَإِنْ شَاءَ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا.
وَلَوْ حَجَّ رَاكِبًا لِغَيْرِ عَجْزٍ، فَقَدْ قِيلَ: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، ثُمَّ فِي الْقَضَاءِ يَمْشِي بِقَدْرِ مَا رَكِبَ، وَيَرْكَبُ بِقَدْرِ مَا مَشَى، وَقِيلَ وَهُوَ الأَصَحُّ: لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ رَكِبَ لِلْعَجْزِ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ، وَحَمَّادٌ: إِذَا عَجَزَ رَكِبَ، ثُمَّ يَحُجُّ مِنْ قَابِلٍ، فَيَرْكَبُ مَا مَشَى، وَيَمْشِي مَا رَكِبَ.
وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْتِيَهُ مَاشِيًا حَاجًّا، أَوْ مُعْتَمِرًا كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِالْحَجِّ، أَوْ بِالْعُمْرَةِ، وَعَلَيْهِ الْمَشْيُ فِي الْحَجِّ حَتَّى تَحِلَّ لَهُ النِّسَاءُ عَقْدًا وَوَطْأً وَهُوَ بَعْدَ التَّحَلُّلَيْنِ، وَفِي الْعُمْرَةِ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ، وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَيَحْلِقَ.
وَكَذَلِكَ لَوْ نَذَرَ إِتْيَانَ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، فَعَلَيْهِ الْحَجُّ، أَوِ الْعُمْرَةُ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ، وَكَذَلِكَ لَوْ نَذَرَ أَنْ يَأْتِيَ مَوْضِعًا مِنَ الْحَرَمِ سَمَّاهُ، وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ إِذَا نَذَرَ الْمَشْيَ إِلَيْهِ وَإِتْيَانَهُ إِذَا لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute