قَوْلُهُ: «أجْتَهِدُ رَأْيِي» لَمْ يُرِدْ بِهِ الرَّأْيَ الَّذِي يَسْنَحُ لَهُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، أَوْ يَخْطُرُ بِبَالِهِ عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ، بَلْ أَرَادَ بِهِ رَدَّ الْقَضِيَّةِ إِلَى مَعْنَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ طَرِيقِ الْقِيَاسِ.
وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: «وَإِذَا اجتَهَدَ فأَخْطَأَ، فَلَهُ أَجْرٌ» لَمْ يُرِدْ بِهِ أَنَّهُ يُؤْجَرُ عَلَى الْخَطَإِ، بَلْ يُؤْجَرُ فِي اجْتِهَادِهِ طَلَبَ الْحَقِّ، لأَنَّ اجْتِهَادَهُ عِبَادَةٌ، وَالإِثْمُ فِي الْخَطَإِ عَنْهُ مَوْضُوعٌ إِذَا لَمْ يَأْلُ جُهْدَهُ، وَهَذَا فِيمَنْ كَانَ جَامِعًا لآلَةِ الاجْتِهَادِ، فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ مَحَلا لِلاجْتِهَادِ، فَهُوَ مُتَكَلِّفٌ لَا يُعْذَرُ بِالْخَطَإِ فِي الْحُكْمِ، بَلْ يُخَافُ عَلَيْهِ أَعْظَمُ الْوِزْرِ، رُوِيَ عَنْ بُرَيْدَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " القُضَاةُ ثَلاثَةٌ: وَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ، وَاثْنَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute