كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ اسْتِبَاحَةَ فِعْلٍ لَا يُسْتَبَاحُ إِلا بِالطَّهَارَةِ، مِثْلُ أَنْ يَنْوِيَ فِعْلَ الصَّلاةِ، فَرْضًا كَانَ أَوْ نَفْلا، أَوْ صَلاةَ الْجِنَازَةِ، أَوْ حَمْلَ الْمُصْحَفِ، أَوْ سُجُودَ التِّلاوَةِ أَوِ الشُّكْرِ، فَإِنْ نَوَى الْجُنُبُ، أَوِ الْحَائِضُ، الاعْتِكَافَ، أَوْ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ، صَحَّ غُسْلُهُ لِجَمِيعِ الصَّلَوَاتِ، وَلا تَصِحُّ هَذِهِ النِّيَّةُ مِنَ الْمُحْدِثِ، لأَنَّ الْمُحْدِثَ يَجُوزُ لَهُ الاعْتِكَافُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ، وَيَنْوِي الْمُتَيَمِّمُ اسْتِبَاحَةَ فَرْضِ الصَّلاةِ، وَلا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ، وَلا يَجِبُ تَعْيِينِ الْفَرْضِ حَتَّى لَوْ تَيَمَّمَ لِفَرِيضَةٍ عَيَّنَهَا، فَلَمْ يُصَلِّهَا، وَصَلَّى غَيْرَهَا جَازَ، وَلَوْ تَيَمَّمَ لِنَافِلَةٍ صَحَّ تَيَمُّمُهُ لَهَا، وَلا يَجُوزُ أَدَاءُ الْفَرْضِ بِهِ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ، وَلَوْ تَيَمَّمَ لِفَرِيضَةٍ جَازَ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ مَا شَاءَ مِنَ النَّوَافِلِ، وَكَذَلِكَ الْمُسْتَحَاضَةُ، وَسَلِسُ الْبَوْلِ يَنْوِيَانِ اسْتِبَاحَةَ الصَّلاةِ، وَلا تَصِحُّ طَهَارَتُهُمَا بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ، لأَنَّ الْحَدَثَ بِهِمَا مُتَّصِلٌ لَا يَرْتَفِعُ.
وَمَحَلُّ النِّيَّةِ الْقَلْبُ، فَلَوْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِلِسَانِهِ لَا يَضُرُّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ حَالَةَ مَا يَغْسِلُ يَدَيْهِ فِي ابْتِدَاءِ الْوُضُوءِ، وَيَسْتَدِيمَهَا ذِكْرًا إِلَى أَنْ يَغْسِلَ شَيْئًا مِنَ الْوَجْهِ، فَإِنْ عَزَبَتْ نِيَّتُهُ قَبْلَ غَسْلِ شَيْءٍ مِنَ الْوَجْهِ، لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُهُ عَلَى الأَصَحِّ، وَإِنْ عَزَبَتْ بَعْدَ مَا غَسَلَ شَيْئًا مِنَ الْوَجْهِ، فَلا بَأْسَ، لأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ ذِكْرُهَا إِلَى آخِرِ الْوُضُوءِ، وَلَوْ نَوَى عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ، وَلَمْ يَنْوِ قَبْلَهُ، صَحَّ وُضُوءُهُ، وَلا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ مَا فَعَلَ قَبْلَهُ مِنَ الْمَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ، فَلَوْ نَوَى فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ التَّبَرُّدَ وَالتَّنَظُّفَ وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلنِّيَّةِ الأُولَى، فَلا بَأْسَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لِنِيَّةِ الطَّهَارَةِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ مَا غَسَلَ بِنِيَّةِ التَّبَرُّدِ وَالتَّنَظُّفِ بَعْدَ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute