وَإِنَّمَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ أَرْسَلَهُ إِلَيْهِمْ.
وَرُوِيَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلرَّجُلِ: «خُذْهُ» فَخَرَجَ بِهِ لِيَقْتُلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا إِنَّهُ إِنْ قَتَلَهُ كَانَ مِثْلَهُ».
قِيلَ: مَعْنَاهُ كَانَ مِثْلَهُ فِي حُكْمِ الْبَوَاءِ، أَيْ: صَارَا مُتَسَاوِيَيْنِ، لَا فَضْلَ لِلْمُقْتَصِّ إِذَا اسْتَوْفَى حَقَّهُ عَلَى الْمُقْتَصِّ مِنْهُ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ رَدْعَهُ عَنْ قَتْلِهِ، لأَنَّ الْقَاتِلَ كَانَ يَدَّعِي أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَهُ، فَلَوْ قَتَلَهُ الْوَلِيُّ، كَانَ فِي وُجُوبِ الْقَوَدِ عَلَيْهِ مِثْلُهُ لَوْ ثَبَتَ مِنْهُ الْقَصْدُ فِي الْقَتْلِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قُتِلَ رَجُلٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدُفِعَ الْقَاتِلُ إِلَى وَلِيِّهِ، فَقَالَ الْقَاتِلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَرَدْتُ قَتْلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا إِنْ كَانَ صَادِقًا، فَقَتَلْتَهُ، دَخَلْتَ النَّارَ»، فَخَلاهُ الرَّجُلُ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ جَرَى عَلَيْهِ قَتْلٌ، هُوَ غَيْرُ قَاصِدٍ فِيهِ، لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَتَلَهُ وَلِيُّ الدَّمِ، كَانَ آثِمًا وَعَلَيْهِ الْقَوَدُ.
وَالْقَتْلُ عَلَى ثَلاثَةِ أَنْوَاعٍ: عَمْدٌ مَحْضٌ، وَهُوَ أَنْ يَقْصِدَ قَتْلَ كُفْئِهِ، بِمَا يُقْصَدُ بِهِ الْقَتْلُ غَالِبًا، فَيَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ أَوِ الدِّيَةُ مُغلَّظةً فِي مَالِ الْجَانِي حَالَّةً.
وَالثَّانِي: شِبْهُ الْعَمْدِ، وَهُوَ أَنْ يَقْصِدَ ضَرْبَهُ بِمَا لَا يَمُوتَ مِثْلُهُ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ الضَّرْبِ غَالِبًا، بِأَنْ ضَرَبَهُ بِعَصًا خَفِيفٍ، أَوْ حَجَرٍ صَغِيرٍ ضَرَبَةً أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute