لَا يَرْضَوْنَ فِي دَمِ الشَّرِيفِ بِالاسْتِقَادَةِ مِنْ قَاتِلِهِ الْوَضِيعِ حَتَّى يَقْتُلُوا عِدَّةً مِنْ قَبِيلَةِ الْقَاتِلِ.
وَقَوْلُهُ: «وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ»، مَعْنَاهُ: أَنَّ وَاحِدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِذَا آمَنَ كَافِرًا، حَرُمَ عَلَى عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ دَمُهُ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الْمُجِيرُ أَدْنَاهُمْ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا، أَوِ امْرَأَةً، أَوْ عَسِيفًا تَابِعًا، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَلا تُخْفَرُ ذِمَّتُهُ.
وَقَوْلُهُ: «وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ»، مَعْنَاهُ: أَنَّ بَعْضَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانَ قَاصِيَ الدَّارِ عَنْ بِلادِ الْكُفْرِ، إِذَا عَقَدَ لِلْكَافِرِ عَقْدَ الأَمَانِ، لَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ مِنْهُمْ نَقْضُهُ، وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ دَارًا مِنَ الْمَعْقُودِ لَهُ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: «يَرُدُّ مُشِدُّهُمْ عَلَى مُضْعِفِهِمْ، وَمُتَسَرِّيهِم عَلَى قَاعِدِهِمْ»، فَالْمُشِدُّ: الْقَوِيُّ، وَالْمُضْعِفُ: مَنْ كَانَتْ دَوَابُّهُ ضِعَافًا، وَجَاءَ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ الْمُضْعِفُ: أَمِيرِ الرُّفْقَةِ يُرِيدُ أَنَّ النَّاسَ يَسِيرُونَ بِسَيْرِ الضَّعِيفِ لَا يَتَقَدَّمُونَهُ، فَيَتَخَلَّفُ عَنْهُمْ، وَيَبْقَى بِمَضْيَعَةٍ.
وَالْمُتَسَرِّي: الَّذِي يَخْرُجُ فِي السَّرِيَّةِ، مَعْنَاهُ: أَنْ يَخْرُجَ الْجَيْشُ، فَيُنِيخُوا بِقُرْبِ دَارِ الْعَدُوِّ، ثُمَّ تَنْفَصِلُ مِنْهُمْ سَرِيَّةٌ، فَيَغْنَمُوا، يَرُدُّونَ مَا غَنِمُوهُ عَلَى الْجَيْشِ الَّذِينَ هُمْ ردء لَهُمْ، لَا يَنْفَرِدُونَ بِهِ، بَل يَكُونُونَ جَمِيعًا شُرَكَاءَ فِيهِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: «وَيَرُدُّ عَلَيْهمْ أَقْصَاهُمْ»، فَأَمَّا مَنْ أَقَامَ بِبَلَدَةِ، وَلَمْ يَخْرُجْ مَعَهُمْ، فَلا شِرْكَةَ لَهُ فِيهِ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ، سَوَاءٌ كَانَ الْكَافِرُ ذِمِّيًّا لَهُ عَهْدٌ مُؤَبَّدٌ، أَوْ مُسْتَأْمِنًا وَعَهْدَهُ إِلَى مُدَّةٍ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute