الْحَكَمَ، وَحَمَّادًا عَنْ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ، وَعَنِ الْخَمْرِ يُدَاوَى بِهِ الدَّبَرُ، فَكَرِهَا.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الصَّنِيعِ بِالْعُرْنِيِّينِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَوَى قَتَادَةُ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْحُدُودُ، وَقَبْلَ تَحْرِيمِ الْمُثْلَةِ، وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ بِهِمْ، أَنْزَلَ اللَّهُ الْحُدُودَ، وَنَهَاهُ عَنِ الْمُثْلَةِ، فَلَمْ يَعُدْ.
وَعَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ يَحُثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَيَنْهَى عَنِ الْمُثْلَةِ.
وَرُوِينَا عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسٍ: إِنَّمَا سَمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْيُنَ أُولَئِكَ، لأَنَّهُمْ سَمَلُوا أَعْيُنَ الرِّعَاءِ، وَقَطَعُوا أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ.
يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّهُ اقْتَصَّ مِنْهُمْ عَلَى مِثَالِ أَفْعَالِهِمْ، وَإِنَّمَا لَمْ يُسْقَوْا لأَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ بِهِمْ ذَلِكَ لِلْقَتْلِ، وَفِي سَقْيِهِمُ اسْتِبْقَاؤُهُمْ.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي عُقُوبَةِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ، فَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى أَنَّهُ إِنْ قَتَلَ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ، وَلَمْ يَأْخُذِ الْمَالَ يُقْتَلُ، وَقَتْلُهُ حَتْمٌ لَا يُقْبَلُ الْعَفْوُ، وَإِنْ أَخَذَ الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلْ، تُقْطَعْ يَدُهُ الْيُمْنَى وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى إِذَا كَانَ أَخَذَ قَدْرَ نِصَابِ السَّرَقَةِ، وَإِنْ قَتَلَ وَأَخَذَ الْمَالَ يُقْتَلُ وَيُصْلَبُ، وَإِنْ لَمْ يَقتُلْ وَلَمْ يَأْخُذِ الْمَالَ، لَكِنَّهُ هَيَّبَ وَكَثَّرَ الْجَيْشَ، نُفِيَ وَعُزِّرَ، وَالأَصْلُ فِيهِ قَوْلُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute