للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ يُجْلَدُ، وَلا يُغَرَّبُ، وَلا يَصِحُّ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ.

قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ: «لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ» اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ، قِيلَ: الْمُرَادُ مِنَ الْكِتَابِ: الْفَرْضُ، يَقُولُ: لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِمَا فَرَضَهُ اللَّهُ وَأَوْجَبَهُ، إِذْ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ ذِكْرُ الرَّجْمِ مَنْصُوصًا كَذِكْرِ الْجَلْدِ، وَالْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ، وَقَدْ جَاءَ الْكِتَابُ بِمَعْنَى الْفَرْضِ، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [النِّسَاء: ٢٤]، وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} [الْبَقَرَة: ١٧٨]، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [الْبَقَرَة: ١٨٣]، وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا} [الْمَائِدَة: ٤٥]، أَيْ: فَرَضْنَا وَأَوْجَبْنَا.

وَقِيلَ: بِكِتَابِ اللَّهِ، أَيْ: بِحُكْمِ اللَّهِ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ} [الطّور: ٤١]، أَيْ: يَحْكُمُونَ.

وَقِيلَ: ذَكَرَ الرَّجْمَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ صَرِيحًا، فَإِنَّهُ مَذْكُورٌ فِي الْكِتَابِ عَلَى سَبِيلِ الإِجْمَالِ، وَهُوَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا} [النِّسَاء: ١٦].

وَالأَذَى يَنْطَلِقُ عَلَى الرَّجْمِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْعُقُوبَاتِ، أَوْ ضُمِّنَ الْكِتَابُ بِأَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا، ثُمَّ بَيَّنَهُ عَلَى لِسَانِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ: «الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ، وَتَغْرِيبُ عَامٍ» بَيَانُ حُكْمِ الْكِتَابِ، وَقَدْ قِيلَ: كَانَ حُكْمُ الرَّجْمِ مُنَزَّلا مَتْلُوًّا فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَرُفِعَتْ تِلاوَتُهُ، وَبَقِيَ حُكْمُهُ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>