وَالاحْتِرَاسُ: أَنْ يُؤْخَذَ الشَّيْءُ مِنَ الْمَرْعَى، يُقَالُ: فُلانٌ يَأْكُلُ الْحَرَسَاتِ: إِذَا كَانَ يَسْرِقُ أَغْنَامَ النَّاسِ فَيَأْكُلُهَا، وَالسَّارِقُ مُحْتَرِسٌ.
قَالَ الإِمَامُ: وُجُوبُ الْقَطْعِ عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِسِرْقَةِ نِصَابٍ مِنَ الْمَالِ مِنْ حِرْزٍ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ، غَيْرَ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الإِحْرَازِ، فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ الْحِرْزُ: مَا يُعِدُّهُ النَّاسُ حِرْزًا لِمِثْلِ ذَلِكَ الْمَالِ، فَالْمِتْبَنُ حَرِزٌ لِلتِّبْنِ، وَالاصْطَبْلُ لِلدَّوَابِّ، وَلا يَكُونُ حِرْزًا لِلنُّقُودِ، وَالأَمْتِعَةِ.
وَإِذَا ضَمَّ السُّوقِيُّ بَعْضَ مَتَاعِهِ إِلَى بَعْضٍ فِي مَوْضِعِ بِيَاعَاتِهِ وَرَبَطَهُ بِحَبْلٍ، أَوْ جَعَلَ الطَّعَامَ فِي خَيْشٍ وَخَيَّطَ عَلَيْهِ، فَقَامَ وَكَانَ بِالنَّهَارِ، فَهُوَ مُحَرِّزٍ، وَإِنْ لَمْ يَضُمَّ وَلَمْ يَرْبِطْ، فَلَيْسَ بِمُحَرِّزٍ.
وَلَوْ قَطَّرَ إِبِلَهُ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ يَقُودُهَا، أَوْ يَسُوقُهَا، فَهِيَ وَمَا عَلَيْهَا مُحَرَّزَةٌ، وَإِنْ أَنَاخَهَا فِي صَحْرَاءَ حَيْثُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، أَوْ كَانَ غَنَمًا آوَاهَا إِلَى مَرَاحٍ، فَاضْطَجَعَ حَيْثُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، فَهِيَ مُحَرَّزَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَضْطَجِعْ عِنْدَهَا، أَوْ أَرْسَلَ الإِبِلَ فِي الطَّرِيقِ غَيْرَ مَقْطُورَةٍ، فَغَيْرُ مُحَرَّزَةٍ.
وَلَوْ ضَرَبَ فُسْطَاطًا فِي صَحَرَاءَ، فَشَدَّهَا بِالأَوْتَادِ وَأَرْسَلَ ذَيْلَهَا، وَنَامَ فِيهَا، أَوْ عَلَى بَابِهَا، فَهِيَ وَمَا فِيهَا مُحَرَّزَةٌ، وَإِنْ لَمْ يُرْسِلْ ذَيْلَهَا فَالْفُسْطَاطُ مُحَرَّزٌ بِالشَّدِّ، وَنَوْمُهُ فِيهِ، وَمَا فِيهِ غَيْرُ مُحَرَّزٍ إِلا مَا نَامَ عَلَيْهِ، وَالْبُيُوتُ الْمُغْلَقَةُ حِرْزٌ لِمَا فِيهَا بِالنَّهَارِ إِذَا كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِالْبُيُوتِ، فَإِنْ كَانَتْ مَفْتُوحَةً، أَوْ كَانَ بِاللَّيْلِ، فَلا تَكُونُ حِرْزًا إِلا بِحَارِسٍ.
وَمَنْ نَامَ فِي صَحَرَاءَ أَوْ فِي مَسْجِدٍ عَلَى ثَوْبِهِ أَوْ تَوَسَّدَهُ، فَأَخَذَهُ رَجُلٌ مِنْ تَحْتِهِ، أَوْ أَخَذَ الْمِنْدِيلَ مِنْ رَأْسِهِ، أَوِ الْخَاتَمَ مِنْ إِصْبَعِهِ، فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ، لأَنَّهُ مُحَرَّزٌ بِهِ.
رُوِيَ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَنَامَ فِي الْمَسْجِدِ، وَتَوَسَّدَ رِدَاءَهُ، فَجَاءَ سَارِقٌ، وَأَخَذَ رِدَاءَهُ، فَأَخَذَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute