قَالَ الإِمامُ: هَذَا الْحدِيث يشْتَمل على فَوَائِد وعدة أَحْكَام: أَحدهَا: التأمير فِي الْحَرْب، فَيَنْبَغِي للْإِمَام إِذا بعث جَيْشًا أَن يؤمِّر عَلَيْهِم أَمِيرا، وَيَأْمُرهُمْ بِطَاعَتِهِ، حتّى لَا يختلِف أَمرهم، وقدْ رُوِي عنْ أبِي سعِيد الخدريِّ، أَن النّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذا خرج ثلاثةٌ إِلى سفرٍ فلْيُؤمِّرُوا أحدهُمْ»، وَعَن أبِي الْأَحْوَص، عنْ عبْد اللهِ، قَالَ: «إِذا كُنْتُمْ ثَلَاثَة فِي سفرٍ، فأمِّرُوا أحدكُمْ»، وَإِنَّمَا أَمرهم بِذلِك، ليَكُون أَمرهم جَمِيعًا، وَلَا يتفرّق بِهِمُ الرّأْيِ، فيحملهم ذلِك على الْخلاف، والشِّقاقِ.
وفِي الْحدِيثِ دلِيلٌ على أنّهُ لَا يُقاتِلُ الْمُشْركين إِلَّا بعد دُعَائِهِمْ إِلى الإِسْلام، وَقد اخْتلف أهْلُ الْعِلْمِ فِي ذلِك، فَقَالَ مالِك: لَا يُقَاتلُون حتّى يُدعوا، ويؤذنوا، وَذهب جمَاعَة إِلى أَنهم يُقَاتلُون قبل الدعوةُ، والدعوة اسْتِحْبَاب، لِأَن الدعْوَة قدْ بلغتهم، وهُو قوْل الثّوْرِي، والشّافِعِي، وأصْحاب الرّأْيِ، وأحْمد، وَإِسْحَاق، وَاحْتج الشّافِعِي بقتل ابْن أبِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute