هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ الشَّاعِرِ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ، عَنْ شُعْبَةَ
قَالَ الإِمامُ: نسَاء أهل الْحَرْب وصبيانهم لَا يجوز قتلُهم بعد الإسار، لأَنهم صَارُوا أرقاء بِنَفس الأسرِ، فهُمْ غنيمَة للْمُسلمين، وَلَا يجوز أيْضًا قَتلهمْ قبل الْأسر، فإِن قَاتلُوا، دُفِعوا وَلَو بِالْقَتْلِ، وكذلِك إِذا اخْتَلَط نسَاء أهل الْحَرْب وصبيانُهُم بالمقاتلة مِنْهُم، وَلَا يُوصل إِلَى الْمُقَاتلَة إِلَّا بقتل النِّسَاء وَالصبيان، فَإِنَّهُم لَا يُحاشون، وكذلِك يجوز البيات وَإِن كَانَ ذلِك يَأْتِي على النِّساء وَالصبيان.
وَاخْتلفُوا فِي الشُّيُوخ، والزّمني، والعميان، والرهبان، والعُسفاء، فَذهب قوم إِلى أَنهم لَا يُقتلون، وهُو قوْل مالِك، والثّوْرِي، والأوْزاعِي، وأصْحاب الرّأْيِ، ورُوِي عنِ الصِّدِّيق أنّهُ نهى عنْ قَتلهمْ، وَذهب قومٌ إِلى أَنهم يُقتلون، وإِليْهِ ذهب الشّافِعِي فِي أظهر قوليه، وَقَالَ: إِنّما نهى أبُو بكْر عنْ قَتلهمْ ليشتغلوا بالأهم، وهُو قتل الْمُقَاتلَة، وَلَا يتشاغلوا بالْمقَام على الصوامع عنِ الْحَرْب، كَمَا رُوِي أنّهُ نهى عنْ قطع الْأَشْجَار المثمرة، ولمْ يكن ذلِك على وَجه التَّحْرِيم، وقدْ حضر النّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وهُو يقطع نخل بني النَّضِير»، وَلَكِن نهى عنْ قطعهَا ليشتغلوا بِالْقِتَالِ الّذِي هُو الأهم، أوْ لِأَن النّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قدْ «وعد لهُمْ فتح الشَّام، فَأَرَادَ بَقَاء نَفعهَا للْمُسلمين»، فَأَما الشَّاب الْمَرِيض، فيُقتل بالِاتِّفَاقِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute