لأُعَرِّفَنَّكُمَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَبَى أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِ، قَالَ عَوْفٌ: فَاجْتَمَعْنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ قِصَّةَ الْمَدَدِيِّ، وَمَا فَعَلَ خَالِدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُدَّ عَلَيْهِ مَا أَخَذْتَ مِنْهُ»، قَالَ عَوْفٌ: فَقُلْتُ: دُونَكَ يَا خَالِدُ، أَلَمْ أَفِ لَكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَا ذَلِكَ»؟ قَالَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَغَضِبَ، وَقَالَ: «يَا خَالِدُ، لَا تَرُدَّ عَلَيْهِ هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي أُمَرَائِي، لَكُمْ صَفْوَةُ أَمْرِهِمْ، وَعَلَيْهِمْ كَدَرُهُ».
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، عَنِ الْولِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ
قُلْت: فِيهِ دلِيلٌ على أَن الْقَاتِل يسْتَحق السَّلب وَإِن كَانَ كثيرا وَيسْتَحق الْفرس، وَأَنه لَا يُخَمّس، وَإِنَّمَا كَانَ رده إِلى خالِد بعد الْأَمر الأول بإعطائه الْقَاتِل نوعا من النكير على عوفٍ، وردعًا لهُ، وزجرًا، لِئَلَّا يتجرأ النّاس على الْأَئِمَّة، وَكَانَ خالدٌ مُجْتَهدا فِي صَنِيعَة ذلِك إِذا كَانَ قد استكثره، فَأمْضى النّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْتِهَاده لما رأى فِيهِ من الْمصلحَة الْعَامَّة بعد أَن خطّأه فِي رَأْيه الأول، وَالْأَمر الْخَاص مغمور بِالْعَام، واليسير من الضَّرَر مُحْتَمل للكثير من النَّفْع وَالصَّلَاح، وَيُشبه أَن يكُون النّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدْ عوّض المددي من الْخمس الّذِي هُو لهُ، وترضّى خَالِدا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute