وَاخْتلفُوا فِي الْكِتَابِيّ الْعَرَبِيّ، وفِي غيْر أهل الْكتاب من كفار الْعَجم، فَذهب الشّافِعِي إِلى أَن الْجِزْيَة على الْأَدْيَان لَا على الْأَنْسَاب، فتؤخذ من أهل الْكتاب عربا كانُوا أوْ عجمًا، وَلَا تُؤْخَذ من أهل الْأَوْثَان بِحَال، وَاحْتج بِأَن النّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخذهَا من أكيدِر دومة، وهُو رجُل من الْعَرَب، يُقَال: من غَسَّان، وَأخذ من أهل ذمَّة الْيمن وعامتهم عرب، وَمن أهل نَجْرَان وَفِيهِمْ عربٌ.
وَذهب مالِك وَالْأَوْزَاعِيّ إِلى أنّهُ تُؤْخَذ من جمِيع الْكفَّار، إِلَّا الْمُرْتَد، وفِي امْتنَاع عُمر رضِي اللهُ عنْهُ من أَخذ الْجِزْيَة من الْمَجُوس حتّى شهد عبْد الرّحْمنِ بْن عَوْف أَن النّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخذهَا، دلِيل على أَن رَأْي الصّحابة كَانَ على أنّها لَا تُؤْخَذ من كُل مُشْرك، إِنّما تُؤْخَذ من أهل الْكتاب مِنْهُم.
وَاتَّفَقُوا على أَخذ الْجِزْيَة من الْمَجُوس، وَذهب أكْثر أهْل الْعِلْمِ إِلى أَنهم لَيْسُوا من أهل الْكتاب، وَإِنَّمَا أُخِذت الْجِزْيَة مِنْهُم بالسُّنّة، كَمَا أُخِذت من الْيهُود وَالنَّصَارَى بِالْكتاب، وقِيل: هُمْ من أهل الْكتاب رُوِي ذلِك عنْ علِي رضِي اللهُ عنْهُ، قَالَ: كَانَ لهُمْ كتاب يدرسونه، فَأَصْبحُوا وقدْ أُسرِي على كِتَابهمْ، فرُفع من بيْن أظهرهم، وَاتَّفَقُوا على تَحْرِيم مناكحة الْمَجُوس، وَتَحْرِيم ذَبَائِحهم إِلَّا شيْء يحْكى عنْ أبِي ثَوْر أنّهُ أَبَاحَهُ، فَأَما الْيهُود وَالنَّصَارَى فَمن كَانَ مِنْهُم من نسل بني