وَهِيَ الْمُهْلِكَةُ بِالْمَفَازَةِ، تَطَيُّرًا مِنَ الْهَلاكِ إِلَى الْفَوْزِ وَالنَّجَاةِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الأَضْدَادِ، يُقَالُ لِعِلاجِ الدَّاءِ: طُبَّ، وَلِلسِّحْرِ: طُبَّ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الأَدْوَاءِ.
وَالْمُشَاطَةُ: الشَّعْرُ الَّذِي يَسْقُطُ مِنَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ عِنْدَ التَّسْرِيحِ بِالْمِشْطِ.
وَيُرْوَى فِي مِشْطٍ وَمُشَاقَةٍ مِنْ مُشَاقَةِ الْكَتَّانِ وَالْجُفُّ: وَعَاءُ الطَّلْعِ، وَيُرْوَى: وَجُبَّ طَلْعَةِ ذِكْرٍ.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو: يُقَالُ لِوِعَاءِ الطَّلْعِ: جُفٌّ وَجُبٌّ مَعًا، يُقَالُ: أَرَادَ بِالْجُبِّ دَاخِلَهَا، كَمَا يُقَالُ لِدَاخِلَةِ الرَّكِيَّةِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى أَسْفَلِهَا جُبٌّ.
وَيُرْوَى: «تَحْتَ رَاعُوفَةٍ فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ»، وَالرَّاعُوفَةُ: صَخْرَةٌ تُتْرَكُ فِي أَسْفَلِ الْبِئْرِ إِذَا احْتُفِرَتْ نَاتِئَةٌ يَجْلِسُ عَلَيْهَا مَنْ يُنَقِّي الْبِئْرَ، وَكَذَلِكَ الرَّاعُوثَةُ.
وَقَوْلُهُ: «كَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ» أَيْ: أَنَّهَا مُسْتَدَقَّةٌ كَرُءُوسِ الْحَيَّاتِ، وَالْحَيَّةُ يُقَالُ لَهَا: الشَّيْطَانُ.
وَقِيلَ: أَرَادَ أَنَّهَا وحشةُ الْمَنْظَرِ، قَبِيحَةُ الأَشْكَالِ، كَأَنَّهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ الْمُشَوَّهَةُ الْخَلْقِ، الْهَائِلَةُ لِلنَّاظِرِ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: قَدْ أَنْكَرَ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِ الطَّبَائِعِ السِّحْرَ، وَأَبْطَلُوا حَقِيقَتَهُ، وَدَفَعَ آخَرُونَ مِنْ أَهْلِ الْكَلامِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالُوا: لَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يُؤَثِّرَ ذَلِكَ فِيمَا يُوحَى إِلَيْهِ مِنْ أَمْرِ الشَّرْعِ، فَيَكُونَ فِيهِ ضَلالُ الأُمَّةِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ السِّحْرَ ثَابِتٌ، وَحَقِيقَتُهُ مَوْجُودَةٌ، اتَّفَقَ أَكْثَرُ الأُمَمِ مِنَ الْعَرَبِ، وَالْفُرْسِ، وَالْهِنْدِ، وَبَعْضِ الرُّومِ عَلَى إِثْبَاتِهِ، وَهَؤُلاءِ أَفْضَلُ سُكَّانِ أَهْلِ الأَرْضِ، وَأَكْثَرُهُمْ عِلْمًا وَحِكْمَةً، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} [الْبَقَرَة: ١٠٢]، وَأَمَرَ بِالاسْتِعَاذَةِ مِنْهُ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} [الفلق: ٤]، وَوَرَدَ فِي ذَلِكَ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute