للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَبِي الْهَيْثَمِ، عَن أَبِي سَعِيدٍ، يَرْفَعُهُ قَالَ: «أَصْدَقُ الرُّؤْيَا بِالأَسْحَارِ».

وَقَوْلُهُ: «الرُّؤْيَا ثَلاثَةٌ» فِيهِ بَيَانٌ أَنْ لَيْسَ كُلُّ مَا يَرَاهُ الإِنْسَانُ فِي مَنَامِهِ يَكُونُ صَحِيحًا، وَيَجُوزُ تَعْبِيرُهُ، إِنَّمَا الصَّحِيحُ مِنْهَا مَا كَانَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَأْتِيكَ بِهِ مَلَكُ الرُّؤْيَا مِنْ نُسْخَةِ أُمِّ الْكِتَابِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ أَضْغَاثُ أَحْلامٍ لَا تَأْوِيلَ لَهَا.

وَهِيَ عَلَى أَنْوَاعٍ قَدْ يَكُونُ مِنْ فِعْلِ الشَّيْطَانِ يَلْعَبُ بِالإِنْسَانِ، أَوْ يُرِيهِ مَا يُحْزِنُهُ، وَلَهُ مَكَايِدٌ يُحْزِنُ بِهَا بَنِي آدَمَ، كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْهُ: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [المجادلة: ١٠]، وَمِنْ لَعِبِ الشَّيْطَانِ بِهِ الاحْتِلامُ الَّذِي يُوجِبُ الْغُسْلَ، فَلا يَكُونُ لَهُ تَأْوِيلٌ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ، كَمَنْ يَكُونُ فِي أَمْرٍ، أَوْ حِرْفَةٍ يَرَى نَفْسَهُ فِي ذَلِكَ الأَمْرِ، وَالْعَاشِقُ يَرَى مَعْشُوقَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ مِزَاجِ الطَّبِيعَةِ، كَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الدَّمُ يَرَى الْفَصْدَ، وَالْحِجَامَةَ، وَالرِّعَافِ، وَالْحُمْرَةَ، وَالرَّيَاحِينَ، وَالْمَزَامِيرَ وَالنَّشَاطِ وَنَحْوَهَا، وَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ طَبِيعَةُ الصَّفْرَاءِ يَرَى النَّارَ، وَالشَّمْعَ، وَالسِّرَاجَ، وَالأَشْيَاءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>