النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالإِخْبَارِ عَنْ مَسْأَلَتِهِ، لأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ أَمَرَ بِإِبْرَارِ الْمُقْسِمِ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ مُجَرَّدَ قَوْلِهِ: «أَقْسَمْتُ» يَمِينٌ وَإِنْ لَمْ يَصِلْهُ بِاسْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، لأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ يَمِينًا، لَكَانَ لَا يَقُولُ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُقْسِمْ».
وَالأَمْرُ بِإِبْرَارِ الْمُقْسِمِ خَاصٌّ فِيمَا يَجُوزُ وَيَتَيَسَّرُ.
وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: «أَصَبْتَ بَعْضًا، وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا»، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرَادَ بِهِ الإِصَابَةَ فِي عِبَارَةِ بَعْضِ الرُّؤْيَا، وَالْخَطَأَ فِي بَعْضِهَا.
وَقَالَ آخَرُونَ: أَرَادَ بِالإِصَابَةِ: مَا تَأَوَّلَهُ فِي عِبَارَةِ الرُّؤْيَا، فَقَدْ خَرَجَ الأَمْرُ عَلَى وِفَاقِ قَوْلِهِ، وَأَرَادَ بِالْخَطَأِ: مَسْأَلَتُهُ الإِذْنَ لَهُ فِي تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا، وَمُبَادَرَتِهِ إِلَى الْجَوَابِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَتْرُكْهُ إِلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلامُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يُعَبِّرُهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الإِمَام: تَأْوِيلُ جُمْلَةِ هَذِهِ الرُّؤْيَا عَلَى مَا عَبَّرَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهَذِهِ الرُّؤْيَا تَشْتَمِلُ عَلَى أَشْيَاءَ، إِذَا انْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَنْ صَاحِبِهِ، انْصَرَفَ تَأْوِيلُهُ إِلَى وَجْهٍ آخَرَ، فَإِنَّ تَعْبِيرَ الرُّؤْيَا يَتَغَيَّرُ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute