للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَنَّ الْعَطَشَ فِي النَّوْمِ خَيْرٌ مِنَ الرِّيِّ، وَالْفَقْرُ خَيْرٌ مِنَ الْغِنَى، وَالْمَضْرُوبُ، وَالْمَجْرُوحُ، وَالْمَقْذُوفُ أَحْسَنُ حَالا مِنَ الضَّارِبِ، وَالْجَارِحُ، وَالْقَاذِفُ، وَقَدْ يَتَغَيَّرُ حُكْمُ التَّأْوِيلِ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، كَقَوْلِهِمْ فِي الْبُكَاءِ: إِنَّهُ فَرَحٌ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ صَوْتٌ وَرَنَّةٌ، فَهُوَ مُصِيبَةٌ.

وَفِي الضَّحِكِ: إِنَّهُ حُزْنٌ، فَإِنْ كَانَ تَبَسُّمًا فَصَالِحٌ.

وَكَقَوْلِهِمْ فِي الْجَوْزِ: إِنَّهُ مَالٌ مَكْنُوزٌ، فَإِنْ سَمِعْتَ لَهُ قَعْقَعَةٌ، فَهُوَ خُصُومَةٌ.

وَالدُّهْنُ فِي الرَّأْسِ زِينَةٌ، فَإِنْ سَالَ عَلَى الْوَجْهِ، فَهُوَ غَمٌّ.

وَالزَّعْفَرَانِ ثَنَاءٌ حَسَنٌ، فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ لَوْنٌ أَوْ جَسَدٌ، فَهُوَ مَرَضٌ أَوْ هَمٌّ.

وَالْمَرِيضُ يَخْرُجُ مِنْ مَنْزِلِهِ وَلا يَتَكَلَّمُ، فَهُوَ مَوْتُهُ، وَإِنْ تَكَلَّمَ برأَ.

وَالْفَأْرُ نِسَاءً، مَا لَمْ يَخْتَلِفْ أَلْوَانُهَا، فَإِنِ اخْتَلَفَ أَلْوَانُهَا إِلَى بِيضٍ وَسُودٍ، فَهِيَ الأَيَّامُ وَاللَّيَالِي.

وَالسَّمَكُ نِسَاءً إِذَا عُرِفَ عَدَدَهَا، فَإِنْ كَثُرَ فَغَنِيمَةٌ.

وَقَدْ يَتَغَيَّرُ التَّأْوِيلُ عَنْ أَصْلِهِ بِاخْتِلافِ حَالِ الرَّأْيِ كَالْغُلِّ فِي النَّوْمِ مَكْرُوهٌ، وَهُوَ فِي حَقِّ الرَّجُلِ الصَّالِحِ قَبْضُ الْيَدِ عَنِ الشَّرِّ، وَكَانَ ابْنِ سِيرِينَ يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يُصِيبُ سُلْطَانًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ يُصْلَبْ، وَسَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ سِيرِينَ، قَالَ: رَأَيْت فِي الْمَنَامِ كَأَنِّي أُؤَذِّنُ.

قَالَ: تَحَجُّ.

وَسَأَلَهُ آخَرُ، فَأَوَّلَ بِقَطْعِ يَدِهِ فِي السَّرِقَةِ، فَقِيلَ لَهُ فِي التَّأْوِيلَيْنِ، فَقَالَ: رَأَيْتُ الأَوَّلَ عَلَى سِيمَاءَ حَسَنَةٍ، فَأَوَّلْتُ قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} [الْحَج: ٢٧]، وَلَمْ أَرْضَ هَيْئَةَ الثَّانِي، فَأَوَّلْتُ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ: {ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} [يُوسُف: ٧٠]، وَقَدْ يَرَى الرَّجُلُ فِي مَنَامِهِ فَيُصِيبُهُ عَيْنُ مَا رَأَى حَقِيقَةً مِنْ وِلايَةٍ، أَوْ حَجٍّ، أَوْ قُدُومِ غَائِبٍ، أَوْ خَيْرٍ، أَوْ نَكْبَةٍ، فَقَدْ رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَتْحَ، فَكَانَ كَذَلِكَ، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} [الْفَتْح: ٢٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>