للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ».

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ مِنْ رِوَايَةِ عَائِشَةَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ، وَأَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وقَالَ عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُود: «الْأَرْوَاح جنود مجندة تلاقى، فتشام كَمَا تشام الْخَيل، فَمَا تعارف مِنْهَا ائتلف، وَمَا تناكر مِنْهَا اخْتلف».

وَفِي الحَدِيث بَيَان أَن الْأَرْوَاح خلقت قبل الأجساد، وَأَنَّهَا مخلوقة على الائتلاف وَالِاخْتِلَاف، كالجنود المجندة إِذا تقابلت وتواجهت، وَذَلِكَ على مَا جعلهَا الله عَلَيْهِ من السَّعَادَة والشقاوة، ثمَّ الأجساد الَّتِي فِيهَا الْأَرْوَاح تلتقي فِي الدُّنْيَا، فتأتلف وتختلف على حسب مَا جعلت عَلَيْهِ من التشاكل والتناكر فِي بَدْء الْخلق، فترى الْبر الْخَيْر يحلب مثله، والفاجر يألف شكله، وينفر كل عَن ضِدّه.

وَفِيه دَلِيل على أَن الْأَرْوَاح لَيست بأعراض، أَنَّهَا قد كَانَت مَوْجُودَة قبل الأجساد، وَأَنَّهَا تبقى بعد فنَاء الأجساد، كَمَا أخبر النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن الشُّهَدَاء: «أَن أَرْوَاحهم فِي جَوف طير خضر، تسرح من الْجنَّة حَيْثُ شَاءَت».

<<  <  ج: ص:  >  >>