وَقَالَ: كَانَ لَا يَجْلِسُ وَلا يَقُومُ إِلا ذَكَرَ اللَّهَ، لَا يُوطِنُ الأَمَاكِنَ، وَيَنْهَى عَنْ إِيطَانِهَا، وَقَالَ: لَا يَحْسِبُ أَحَدٌ مِنْ جُلَسَائِهِ أَنَّ أَحَدًا أَكْرَمُ مِنْهُ، مَنْ جَالَسَهُ أَوْ قَاوَمَهُ لِحَاجَةٍ صَابَرَهُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الْمُنْصَرِفَ، وَقَالَ: وَلا تُؤْبَنُ فِيهِ الْحُرَمُ، وَلا تُنْثَى فَلَتَاتُهُ، مُعْتَدِلِينَ يَتَوَاصَوْنَ فِيهِ بِالتَّقْوَى.
وَقَالَ: قَدْ تَرَكَ نَفْسَهُ مِنْ ثَلاثٍ: الْمِرَاءِ، وَالإِكْثَارِ، وَمَا لَا يَعْنِيهِ.
وَزَادَ فِي آخِرِهِ، قَالَ: فَسَأَلْتُهُ: كَيْفَ كَانَ سُكُوتُهُ؟ قَالَ: كَانَ سُكُوتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَرْبَعٍ: عَلَى الْحِلْمِ وَالْحَذَرِ وَالتَّقْدِيرِ وَالتَّفْكِيرِ، فَأَمَّا تَقْدِيُرهُ، فَفِي تَسْوِيَتِهِ النَّظَرُ وَالاسْتِمَاعُ بَيْنَ النَّاسِ، وَأَمَّا تَفْكِيرُهُ، فَفِيمَا يَبْقَى وَيَفْنَى، وَجُمِعَ لَهُ الْحِلْمُ وَالصَّبْرُ، فَكَانَ لَا يُغْضِبُهُ شَيْءٌ، وَلا يَسْتَفِزُّهُ، وَجُمِعَ لَهُ الْحَذَرُ فِي أَرْبَعَةٍ: أَخْذِهِ بِالْحَسَنِ لِيُقْتَدَى بِهِ، وَتَرْكِهِ الْقَبِيحَ لِيُتَنَاهَى عَنْهُ، وَاجْتِهَادِهِ الرَّأْيَ فِيمَا أَصْلَحَ أُمَّتَهُ، وَالْقِيَامِ فِيمَا خِيرَ لَهُمْ فِيمَا يَجْمَعُ لَهُمْ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ "
قَوْله: «كَانَ فخما مفخما».
أَي: كَانَ عَظِيم الْقدر مُعظما فِي الصُّدُور والعيون، وَلم يرد بِهِ ضخامة الْجِسْم، قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الفخامة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute