للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

قلت: الْوَحْي من الله عز وَجل على أنبيائه أَنْوَاع كَمَا قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} [الشورى: ٥١]، قَالَ بعض أهل التَّفْسِير: الْوَحْي الأول مَا أَرَاهُم فِي الْمَنَام.

قَالَ عبيد بْن عُمَيْر: رُؤْيا الْأَنْبِيَاء وَحي، وَقَرَأَ: {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} [الصافات: ١٠٢]، وقَالَ غير وَاحِد من أهل التَّفْسِير: وَقَوله: {أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الشورى: ٥١] فَكَمَا كلم مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام من وَرَاء حجاب حَتَّى قَالَ: {أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} [الْأَعْرَاف: ١٤٣]، وَقَوله: {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا} [الشورى: ٥١]، فَهُوَ إرْسَاله روح الْأمين، كَمَا قَالَ عز وَجل: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ {١٩٣} عَلَى قَلْبِكَ} [الشُّعَرَاء: ١٩٣ - ١٩٤].

وَقد كَانَ لنبينا جَمِيع هَذِه الْأَنْوَاع، فقَالَ الله عز وَجل فِي رُؤْيَاهُ: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} [الْفَتْح: ٢٧].

وقَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: أول مَا بديء بِهِ رَسُول الله من الْوَحْي الرُّؤْيَا الصَّالِحَة فِي النّوم، وَكَانَ لَا يرى رُؤْيا إِلَّا جَاءَت بِهِ مثل فلق الصُّبْح.

وقَالَ فِي الْكَلَام: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النَّجْم: ١٠]، وَفرض عَلَيْهِ لَيْلَة الْمِعْرَاج خمسين صَلَاة، وقَالَ فِي إرْسَال جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ {١٩٣} عَلَى قَلْبِكَ} [الشُّعَرَاء: ١٩٣ - ١٩٤]، وقَالَ: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ} [الْبَقَرَة: ٩٧]، وَفِي الحَدِيث «إِن الرّوح الْأمين نفث فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>