للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَوْلُهُ: «مُسْلِمُهُمْ تَبَعٌ لِمُسْلِمِهِمْ» أَيْ: مَنْ كَانَ مُسْلِمًا فَيَتْبَعُهُمْ وَلا يَخْرُجُ عَلَيْهِمْ.

وَقَوْلُهُ: «كَافِرُهُمْ تَبَعٌ لِكَافِرِهِمْ»، لَيْسَ عَلَى مَعْنَى الأَوَّلِ، إِنَّمَا أُخْبِرَ أَنَّهُمْ لَنْ يَزَالُوا مَتْبُوعِينَ فِي زَمَانِ الْكُفْرِ، إِذْ كَانَ أَمْرُ الْبَيْتِ الَّذِي هُوَ شَرَفُهُمْ إِلَيْهِم.

وَقَوْلُهُ: «خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلامِ إِذَا فَقِهُوا»، يُرِيدُ أَنَّ مَنْ كَانَتْ لَهُ مَأْثَرَةٌ وَشَرَفٌ، فَإِذَا أَسْلَمَ وَفَقِهَ، فَقَدْ حَازَ إِلَى ذَلِكَ مَا اسْتَفَادَهُ بِحَقِّ الدِّينِ، وَمَنْ لَمْ يُسْلِمْ، فَقَدْ هَدَمَ شَرَفَهُ وَضَيَّعَهُ.

وَقَوْلُهُ: «تَجِدُونَ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ أَشَدَّ النَّاسِ كَرَاهِيَةً لِهَذَا الشَّأْنِ حَتَّى يَقَعَ فِيهِ»، أَرَادَ أَنْ خِيَارَهُمُ الَّذِينَ يَحْذَرُونَ الإِمَارَةَ، وَيَكْرَهُونَ الْوِلايَةَ، حَتَّى يَقَعَ فِيهِ، هَذَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ يَكْرَهُونَ، فَإِذَا وَقَعُوا فِيهِ عَنْ رَغْبَةٍ وَحِرْصٍ عَلَيْهِ، زَالَ عَنْهُمْ حُسْنُ الاخْتِيَارِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «سَتَحْرِصُونَ عَلَى الإِمَارَةِ وَسَتَكُونُ نَدَامَةً»، وَقَالَ: «مَنْ جُعِلَ قَاضِيًا فَقَدْ ذَبَحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ»، وَالآخَرُ: أَن

خِيَار النَّاس يكْرهُونَ الْولَايَة حَتَّى يقعوا فِيهَا، فَإِذا وَقَعُوا فِيهَا، لم يكرهوها وَقَامُوا بِحَقِّهَا، وَذَلِكَ لأَنَّ مَنْ كَرِهَ الشَّيْءَ تَغَافَلَ عَنْهُ، وَلَمْ يَقُمْ بِالْحَقِّ الْوَاجِبِ فِيهِ هَذَا كُلُّهُ مَعْنَى كَلامِ الْخَطَّابِيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>