قَالَ الإِمَامُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، فَمَنْ بَعْدَهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّ كُلَّ حَيَوَانٍ يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، فَإِذَا مَاتَ يَطْهُرُ جِلْدُهُ بِالدِّبَاغِ، إِلا شَيْئًا يُحْكَى عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «لَا يَطْهُرُ»، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ، قَالَ: أَتَانَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِشَهْرَيْنِ: «أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلا عَصَبٍ» فَكَانَ يَقُولُ: هَذَا الْحَدِيثُ صَارَ نَاسِخًا لِمَا سِوَاهُ، ثُمَّ تَرَكَ الْقَوْلَ بِهِ لِلاضْطِرَابِ فِي إِسْنَادِهِ، فَإِنَّهُ يُرْوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ، عَنْ أَشْيَاخٍ لَهُمْ، وَتَأَوَّلَهُ الآخَرُونَ إِنْ ثَبَتَ عَلَى الانْتِفَاعِ بِهِ قَبْلَ الدِّبَاغِ.
قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: يُسَمَّى إِهَابًا مَا لَمْ يُدْبَغْ.
فَأَمَّا مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، فَاخْتَلَفُوا فِي طَهَارَةِ جِلْدِهِ بِالدِّبَاغِ، فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ جِلْدُ غَيْرِ الْمَأْكُولِ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَهُوَ قَوْلُ الأَوْزَاعِيِّ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute