قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، رَوَى سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُ الأَعْمَشِ لَمْ يُذْكَرُوا فِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَفَسَّرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ هَذَا الْحَدِيثَ، فَقَالَ: فَأَعْجَبَهُ، مَعْنَاهُ: أَنْ يُعْجِبَهُ ثَنَاءُ النَّاسِ عَلَيْهِ، كَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ» أَمَّا إِذَا أَعْجَبَهُ لِيُعْلَمَ مِنْهُ الْخَير وَيُعَظَّمَ عَلَيْهِ فَهُوَ رِيَاءٌ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ: فَأَعْجَبَهُ رَجَاءَ أَنْ يَعْمَلَ مَنْ رَآهُ بِمِثْلِ عَمَلِهِ، فَيَكُونَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، هَذَا مَعْنَى قَوْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ: إِنَّمَا يُسَرُّ لِيُسْتَنَّ بِهِ مِنْ بَعْدِهِ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَلَيْسَ لِلْحَدِيثِ عِنْدِي وَجْهٌ إِلا مَا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، لأَنَّ الآثَارَ كُلَّهَا تُصَدِّقُهُ، مِنْ ذَلِكَ الْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ: «مَنْ سَنَّ سُنَّةً كَانَ لَهُ أَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا» وَمِمَّا يُوَضِّحُ ذَلِكَ حَدِيثٌ آخَرُ: «أَنَّ رَجُلا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يُصَلِّي فَرَآهُ جَارٌ لَهُ، فَقَامَ يُصَلِّي، فَغُفِرَ لِلأَوَّلِ».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute