وَمِنْهُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلا} [الْإِسْرَاء: ٧٤]، وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ {وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا} [النَّمْل: ٥٠]، وَالْمَكْرُ مِنَ اللَّهِ: هُوَ استدراجهم من حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُوصَفُ بِالْمَكْرِ، وَلا يُوصَفُ بِالاحْتِيَالِ، لأَنَّ الْمُحْتَالَ مَنْ يُقَلِّبُ الْفِكْرَةَ لِيَهْتَدِيَ إِلَى وَجْهِ مَا يُرِيدُ، وَالْمَاكِرُ الَّذِي يَسْتَدْرِجُ، فَيَأْخُذُ مِنْ وَجْهِ غَفْلَةٍ مِنَ الْمُسْتَدْرَجِ، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ} [الْأَعْرَاف: ١٨٢]، وَسُئِلَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنِ الاسْتِدْرَاجِ؟ فَقَالَ: مَكْرُ اللَّهِ بِالْعِبَادِ الْمُضَيِّعِينَ، وَقِيلَ: هُوَ الأَخْذُ عَلَى غِرَّةٍ، وَقَالَ سُفْيَانُ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: " {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ} [الْأَعْرَاف: ١٨٢] قَالَ: يُسْبِغُ عَلَيْهِمُ النِّعَمَ، وَيَمْنَعُهُمُ الشُّكْرَ "، وَقَالَ غَيْرُهُ: كُلَّمَا أَحْدَثُوا ذَنْبًا أُحْدِثَتْ لَهُمْ نِعْمَةٌ، وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} [الْأَنْعَام: ٤٤].
وَقَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ، إِلَى قَوْلِهِ: وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ} [
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute