فَيَبْقَى أَثَرُهَا مِثْلُ أَثَرِ الْمَجْلِ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ، وَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ وَلا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الأَمَانَةَ، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: مَا أَعْقَلَهُ! وَمَا أَظْرَفَهُ! وَمَا أَجْلَدَهُ! وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ ".
قَوْلُهُ: «فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ»، الْجَذْرُ: الأَصْلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.
الْوَكْتُ: جَمْعُ وَكْتَةٍ، وَهِيَ الأَثَرُ الْيَسِيرُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْبُسْرِ إِذَا وَقَعَتْ فِيهِ نُكْتَةٌ مِنَ الأَرْطَابِ: قَدْ وُكِتَ.
والْمَجْلُ مِنْ قَوْلِهِمْ: مَجِلَتْ يَدُهُ مَجْلا: إِذَا خَرَجَ مِنْهَا شَيْءٌ يُشْبِهُ الْبَثْرَ مِنَ الْعَمَلِ، وَيَغْلُظُ جِلْدُهَا.
وَقَوْلُهُ: «فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا»، الْمُنْتَبِرُ: الْمُنْتَفِطُ، يُقَالُ: انْتَبَرَتْ يَدُهُ، أَيِ: انْتَفَطَتْ.
وَقَوْلُهُ: «لَيَرُدَّنَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ»، يَعْنِي: رَئِيسَهُمُ الَّذِي يَصْدُرُونَ عَنْ رَأْيِهِ، وَلا يُمْضُونَ أَمْرًا دُونَهُ، وَيُقَالُ: أَرَادَ بِالسَّاعِي الْوَالِيَ عَلَيْهِ، يَقُولُ: يُنْصِفُنِي مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا، وَكُلُّ مَنْ وَلِيَ شَيْئًا عَلَى قَوْمٍ، فَهُوَ سَاعٍ عَلَيْهِمْ، وَمِنْهُ يُقَالُ لِعَامِلِ الصَّدَقَةِ: سَاعٍ، وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَيْعَةِ الْخِلافَةِ.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَهُوَ خَطَأٌ، لأَنَّهُ قَالَ: وَإِنْ كَانَ مُعَاهِدًا رَدَّ عَلَيَّ سَاعِيهِ، وَلا يُبَايِعُ الْمُعَاهِدُ، إِنَّمَا أَرَادَ مُبَايَعَةَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، يُرِيدُ: ذَهَبَتِ الأَمَانَةُ مِنَ النَّاسِ، فَلَسْتُ أَثِقُ الْيَوْمَ بِأَحَدٍ أَأْتَمِنُهُ عَلَى بَيْعٍ، أَوْ شِرَاءٍ إِلا فُلانًا، وَفُلانًا لِقِلَّةِ الأَمَانَةِ فِي النَّاسِ، وقِبلَ هَذَا كُنْتُ لَا أُبَالِي مَنْ بَايَعْتُهُ، فَإِنْ بَايَعْتُ مُسْلِمًا، قُلْتُ: لَا يَظْلِمُنِي لأَنَّهُ مُسْلِمٌ، وَإِنْ بَايَعْتُ نَصْرَانِيًّا، قُلْتُ: إِنْ لَمْ يُنْصِفُنِي، أَعَانَنِي عَلَيْهِ سَاعِيهِ، وَقَدْ فَسَدَ الْيَوْمَ الأَمْرُ.
٤٢١٨ - أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ، أَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْجُلُودِيُّ، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، نَا مُسْلِمُ بْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute